ذكر أبو الفرج في كتابه ـ مقاتل الطالبيين ـ عن الحسن بن هذيل ، قال : بعت للحسين بن علي صاحب فخ حائطاً بأربعين ألف دينار ، فنثرها على بابه ، فما أدخل إليه أهله منها حبّة ، بل كان يعطيني منها كفّاً ، فأذهب بها إلى فقراء أهل المدينة.
وقال الحسن أيضاً : قال لي الحسين بن علي صاحب فخّ : اقترض لي أربعة آلاف درهم ، فذهبت إلى صديق لي فأعطاني ألفين وقال : إذا كان غداً إتني حتى أعطينك ألفين ، فخرجت بالألفين ، وأتيت الحسين فوضعها تحت حصير كان يصلّي عليه ، فلمّا كان من الغد أخذت الألفين الآخرين ، ثم جئت لطلب الذي وضعته تحت حصيره ، فلم أجده ، فقلت له : يابن رسول الله ما فعلت الألفين؟ قال : لا تسأل عنها فأعتذر ، فقال : تبعني رجل من أهل المدينة ، فقلت ألك حاجة؟ فقال : لا ، ولكنّي أحب أن أصل جناحك ، فأعطيته إيّاه ، أمّا إنّي أحسبني ما أجرت على ذلك ، لأنّي لم أجد لها حسنا ، وقال الله تعالى : (لَن تَنَالُوا البّرّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبّونَ) (١).
وقال إسماعيل بن إبراهيم الواسطي : جاء رجل إلى الحسين فسأله فلم يكن عنده شيء ، فأقعده وبعث إلى داره ، وقال : أخرجوا ثيابي ليغسلوها ، فلما اجتمعت قال للرجل : خذ هذه الثياب.
وعن الحسن بن هذيل أيضاً قال : كنت أصحب الحسين بن علي صاحب فخّ ، فقدم الى بغداد فباغ ضيعة له بتسعة آلاف دينار ، فخرجنا ونزلنا سوق أسد ، فبسط لنا على الباب الخان ، فأتى رجل ومعه سلة فيها طعام ، فقال له : مرّ الغلام أن يأخذ منّي هذه السلة ، فقال له : ومن أنت؟ قال : أنا أصنع الطعام الطيّب ، فإذا نزل
__________________
(١) آل عمران من الآية ٩٢.