شرّده الخوف فأزرى به |
|
كذاك من يكره حرّ الجلاد |
قد كان في الموت له راحة |
|
والموت حتم في رقاب العباد |
قال يعقوب بن داود : فجعل المهدي يكتب تحت كل بيت : لك الأمان من الله ومني فاظهر متى شئت ، حتى كتب ذلك تحتها أجمع ، فالفتف فإذا هو دموعه تجري على خدّيه ، فقلت له : من ترى قائل هذا الشعر يا أمير المؤمنين؟ قال : أتتجاهل عليَّ من عسى قائل هذا الشعر إلّا عيسى بن زيد.
وذكر أبو الفرج أنّ المنصور طلب عيسى طلباً ليس بالحثيث ، وطلبه المهدي وجدّ في طلبه حيناً فلم يقدر عليه ، فنادى بأمانه ليبلغه فيظهر ، فبلغه فلم يظهر ، وبلغه أنّ له دعاة ثلاثة ، وهم : ابن علاق الصيرفي ، وحاضر مولى لهم ، وصباح الزعفراني ، فظفر المهدي بحاضر فحبسه وعّره ورفق به وأشتدّ عليه ليعرفه موضع عيسى ، فلم يفعله فقتله ، ومكث طول حياة عيسى يطلب صباحاً وابن علاق ، فلم يظفر بهما حتى إذا مات عيسى عليه الرحمة ، قال صباح للحسن ابن صالح : أما ترى هذا العذاب والجهد الذي نحن فيه بغير معنى ، قد مات عيسى ابن زيد ومضى لسبيله ، وإنّما نطلب خوفاً منه وإذا علم أنّه قد مات آمننا فدعني آتي هذا الرجل ـ يعني المهدي ـ وأخبره بوفاته حتى نتخلّص من طلبه لنا. فقال : لا والله لا نبشّر عدو الله بموت ولي الله وابن نبيّ الله ولا تقر عينه فيه ونشمته ، فوالله إنّ ليلة أبيتها خائفاً منه أحبّ إليّ من جهاد السنة وعبادة بها.
قال أبو الفرج : ومات الحسن بن صالح بعد وفاة عيسى بشهرين ، قال صباح الزعفراني : ولمّا مات الحسن بن صالح أخذت أحمد بن عيسى وأخاه زيداً وجئت بهما إلى بغداد فجعلتهما في موضع أثق به عليهما ، ثم لبست أطماراً وجئت إلى دار المهدي ، فسألت عن الربيع وأدخلت عليه وسألتي فقلت له : إنّ عندي بشارة تسرّ الخليفة وبعد السؤلات الكثيرة استأذن لي على المهدي ، فأذن لي وأدخلت