تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه واعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه ، فتبّاً لما قدمت لأنفسكم وسوأة لرأيكم بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ يقول لكم : قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي؟ فلستم من أُمّتي).
قال الراوي : فارتفعت الأصوات من كلّ ناحية ويقول بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون.
فقال عليهالسلام : (رحم الله امرءاً قبل نصيحتي وحفظ وصيتي ، في الله وفي رسوله وأهل بيته ، فإنّ لنا في رسول الله أسوة حسنة).
فقالوا بأجعمهم : نحن كلّنا يابن رسول الله سامعون ومطيعون ، حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك ، فمرنا بأمرك يرحمك الله فإنّا حرب لحربك وسلم لسلمك ، لنأخذنّ وترك ووترنا ممن ظلمك ونبرأ منه.
فقال عليهالسلام : (هيهات هيهات أيّتها الغدرة المكرة ، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم ، أتريدون أن تأتوا إليّ كما أتيتم إلى آبائي من قبل؟ كلّا وربّ الراقصات فإنّ الجرح لما يندمل ، قتل أبي بالأمس وأهل بيته معه ، ولم ينس ثكل رسول الله وثكل أبي وبني أبي ووجده بين لهاتي (١) ومرارته بين حناجري ، وحلقي وغصصه تجري في فراشة (٢) صدري ، ومسئلتي أن تكونوا لا لنا ولا علينا ، ثم قال عليهالسلام :
لا غرو إن قتل الحسين فشيخة |
|
قد كان خيراً من الحسين وأكرما |
فلا تفرحوا يا قوم ما كان بالذي |
|
اُصيب الحسين كان ذلك أعظما |
قتيل بجنب النهر روحي فداؤه |
|
جزاه الذي أرداه نار جهنّما |
وفي البحار يروي مرسلاً عن مسلم الجصاص ، قال : دعاني ابن زياد لعنه
__________________
(١) اللهاة اللحمة التي تكون في أقص الفم.
(٢) الفراشة كل رقيق من العظم.