الطالبيين.
وفي هذه الظروف وهذا الخضمّ كان من الطبيعي أن تكون الحيعلة الثالثة من تلك المسائل الشرعية السياسية التي كان للحكام من وراء حذفها ومحاربتها هدف بل أهداف.
وفي قبالة ذلك التيار الجارف نجد أن الإمامين الباقر والصادق كانا يدعوان إلى الحيعلة الثالثة ، ويؤكّدان على شرعيتها بدون خوف واكتراث من السلطة ، لكن الأمر نفسه لم يكن عند الثوار في ظروف التعبئة السريّة ، بل كانوا يتّقون ويخافون من تعرف السلطة على مواقعهم العسكرية وتجمعاتهم الثورية ، فلم يقولوا بـ «حيّ على خير العمل» إلاّ في الصحراء وحين يأمنون مكر السلطة.
ومن المعلوم أنّ الدولة العباسية أُسست على شعار الرضا من آل محمّد (١)وأنهم قد تذرعوا بطلب ثار الشهداء من أبناء فاطمة : الحسين بن عليّ ، زيد بن عليّ بن الحسين ، وولده يحيى وسواهم.
لكنّهم سرعان ما قلبوا للعلويين ظهر المجنّ فلم يَفُوا بما عاهدوا عليه الأمة ، ولم يحافظوا على الدلالة الصادقة لمقولة «الرضا من آل محمّد» ، بل نقضوا ما بايعوا عليه محمّد بن عبدالله بن الحسن «النفس الزكية» قبل الانتصار.
وبعد خيانة العباسيين لشعار الرضا من آل محمّد ، ادّعَوا أنّهم أولى بالخلافة من العلويين ؛ لمكان العبّاس عم الرسول ، وأنه أولى بالنبي من عليّ وفاطمة وأبنائها! وهنا كان من الطبيعي أن تغيظهم الحيعلة الثالثة المشيرة إلى أولوية عليّ وأولاده المعصومين بالخلافة من بني العبّاس وغيرهم.
وبما أنّ الحكومتين الأمويّة والعباسيّة كانتا تقدّمان الشيخين على الإمام عليّ
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبري ٧ : ٣٥٨ احداث سنة ١٢٩ و ٧ : ٣٩٠ احداث سنة ١٣٠ هـ وغيرهما.