القدمين لما مشى بهما إلى الخطيئة» (١).
ومعنى هذا النصّ أنّ العبد يجب عليه تطهير أعضائه حينما يريد التوجّه إلى الله ، وبما أنّ الوجه واليدين فيهما الحواسّ الخمس الظاهرة التي بها يُعصى الإله كان عليه أن يغسلهما قبل الدخول إلى حضرة الإله.
أمّا الرأس والقدمان فهما عنصران آليّان يتقوّى بهما المكلّف على المعصية أو الطاعة وهما ليسا من الحواسّ الخمس ، ففي الرأس القوّة المفكِّرة والخياليّة التي تبعث الفرد إلى ارتكاب المعاصي أو فعل الواجب ، وبالرِّجل يسعى إليهما ـ الطاعة أو المعصيّة ـ فأمر سبحانه المسح عليهما كي ينجو من الوساوس الشيطانيّة والأغلال النفسيّة ويدخل حضيرة القدس طاهراً نقيّاً من الأدناس ، ولأجل هذه الحقيقة فقد أكّدنا في كتابنا «وضوء النبيّ» على : أنَّ طهارة الوضوء هي طهارة حكميّة وليست بحقيقيّة ، لأنَّ المؤمن لا يُنَجِّسُه شيء ، وبالوضوء يُعرف مَن يطيع الله ومن يعصيه (٢).
وبعد هذه المقدِّمة لابدّ من الإجابة عن السؤال الأوّل.
القاضي عياض : «اعلم أنّ الأذان كلام جامع لعقيدة الإيمان ، مشتملة على نوعيه من العقليّات والسمعيّات ، فأوّله إثبات الذات وما يستحقّه من الكمال [أي الصفات الوجودية] ، والتنزيه عن أضدادها [أي الصفات العدمية] ، وذلك بقوله «الله أكبر» ، وهذه اللفظة مع اختصار لفظها دالَّة على ما ذكرناه.
ثمّ صرّح بإثبات الوحدانيّة ونفي ضدّها من الشركة المستحيلة في حقّه
__________________
(١) علل الشرائع ١ : ٢٨٠ الباب ١٩١.
(٢) انظر : وضوء النبيّ ، المدخل ٤٢٨.