وعليه فلا يصح ما قاله البعض من عدم صحّة تلك الأخبار أو نسخها أو ... ، بل الأمر يرجع إلى أمور أعمق مما يقولون ، والحوادث التاريخية تؤكّد ما قلناه.
إنّ متابعة السير التاريخيّ للأذان وما آل إليه في «حيّ على خير العمل» يكشف لنا عن أُمور عديدة متمادية الأطراف ترجع جذورها إلى عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله. ويمكن تلمّس ذلك بوضوح من خلال دراسة التاريخ والسيرة والحديث ، وهذه المسألة من الأهميّة بمكان ، بحيث إنّك كلّما بحثت في مسألة من مسائلها تفتّحت لك أبواب مسائل أُخرى ذات ارتباط عميق بها ، ولا يمكنك تركها أو التهاون بها ، فالمسألة أكبر من كون «حيّ على خير العمل» شعار الشيعة و «الصلاة خير من النوم» شعار السنّة.
صحيح أنَّ الحركات التغييريّة التي قادها الشيعة عبر فترات التاريخ المختلفة تُبيِّنُ أنَّهم قد أظهروا مسألة «حيّ على خير العمل» في الأذان كعنصر تحدٍّ وتعاملوا معها كشعار لهم ـ كما حصل في الدولة الفاطميّة في مصر ، والدولة الزيدية في طبرستان ، والبويهية في بغداد ، والحمدانية في حلب ـ إلاّ أنَّ ذلك لا يتجاوز ظاهر المسألة.
ذلك أنّ مصادر الحديث والتاريخ والسيرة تُظِهر لنا بأنّ «حيّ على خير العمل» لها جذور وأصالة شرعيّة ، فهي أوسع من أن تتضيق في زاوية كونها شعار فرقة أو طائفة أو مذهب.
__________________
١٠. حركة عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالله بن محمّد بن عمر بن عليّ بن أبي طالب في اليمن سنة ٢٠٧ هـ ، في عهد المأمون.
١١. حركة محمّد بن القاسم بن عمر بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب في خراسان سنة ٢١٩ هـ ، في عهد المعتصم.