ومن يتصفّح التاريخ يجد بين طيّاته صوراً حيّة لمدى قوّة تمسّك الطالبيّين بهذا الجزء من الأذان ، حتّى وصلت الحال في بعض الفترات إلى أن يكون هو الشعار المحرِّك للثوار والثورة في مراحل مختلفة من التاريخ.
لقد تمسّك الطالبيّيون بـ «حيّ على خير العمل» وقدّموا قرابين نفيسة من أجل إبقائها سنّة حتّى صارت شعاراً للشيعة في كلّ الأصقاع ، وصبغة عقائديّة يُميَّزون بها عن غيرهم ، وقد استمدّوا العزم من مواقف أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام الذي قال حين سمع أذان ابن النبّاح بـ «حيّ على خير العمل» : «مرحباً بالذي قال عدلاً ، وبالصلاة مرحباً وسهلاً» (١).
وقد تجلّت مواقف الشيعة بوضوح في موقف الحسين بن عليّ ـ صاحب فخّ ـ وغيره من الطالبيين (٢) الذين أصرّوا على إعلانها جهاراً في الأذان.
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه ١ : ٢٨٨ ح ٨٩٠ ، وانظر : كتاب الأذان بحيّ على خير العمل : ٤٨ ، ٥٠ للحافظ العلوي.
(٢) وإليك مجمل الحركات الشيعيّة في العصر العباسي الأول «١٣٢ ـ ٢٣٢» :
١. حركة محمّد النفس الزكيّة في المدينة سنة ١٤٥ هـ ، في عهد المنصور العباسي.
٢. حركة إبراهيم ـ أخي النفس الزكية ـ في البصرة سنة ١٤٥ هـ.
٣. حركة الحسين بن علي (صاحب فخّ) في المدينة سنة ١٦٩ هـ ، في عهد الخليفة الهادي.
٤. حركة يحيى بن عبدالله ـ أخي النفس الزكيّة ـ في بلاد الديلم سنة ١٧٥ هـ ، في عهد هارون الرشيد.
٥. حركة إدريس بن عبدالله ـ أخي النفس الزكيّة ـ في بلاد المغرب سنة ١٧٢ هـ ، في عهد الرشيد.
٦. حركة محمّد بن إبراهيم وأبي السَّرايا في الكوفة سنة ١٩٩ هـ ، في عهد المأمون.
٧. حركة محمّد بن جعفر الصادق في مكة سنة ٢٠٠ هـ ، في عهد المأمون.
٨. حركة أبي عبدالله (أخي أبي السرايا) في الكوفة سنة ٢٠٢ هـ ، في عهد المأمون.
٩. حركة إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب في اليمن سنة ٢٠٠ هـ ، في عهد المأمون.