امتنع عن التأذين لرجال النهج الحاكم ورؤوس الخلافة وحدهم.
روى الشيخ المفيد بسنده عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : وكان بلال مؤذّن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله لزم بيته ولم يؤذّن لأحد من الخلفاء (١).
وقال المزّي : ويقال : إنّه لم يؤذّن بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، إلاّ مرّة واحدة ، في قَدمة قَدِمها لزيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وطلب إليه الصحابة ذلك فأذّن ، ولم يُتمّ الأذان ... (٢)
وفي كتاب أصفياء أمير المؤمنين ، روى عن ابن أبي البختري ، قال : حدّثنا عبدالله بن الحسن : انّ بلالاً أبى أن يبايع أبا بكر ، وإنّ عمر جاء وأخذ بتلابيبه ، فقال : يا بلال ، إنّ هذا جزاء أبي بكر منك؟! إنّه أعتقك فلا تجيء تبايعه؟!
فقال بلال : إن كان أبو بكر أعتقني لله فليدعني له ، وإن كان أعتقني لغير ذلك فها أنا ذا (٣).
__________________
هذا وقد بقى بلال إلى آخر لحظات عمره الشريف موالياً لمحمّد وآل محمّد ، وقد ردد قبل موته نفس الشعار الذي ردده عمار في صفين من بعد :
غداً سنلقى الأحبّة |
|
محمداً وحزبه |
«مختصر تاريخ دمشق ٥ : ٢٦٧».
(١) الاختصاص : ٧٣.
(٢) انظر كلام المزي في تهذيب الكمال ٤ : ٢٨٩ ، ومثله ما حكاه الحصني الشامي «ت ٨٢٩ هـ» في كتابه دفع الشبه عن الرسول : ١٨٢ عن الحافظ عبدالغني المقدسي في كتابه الكمال في ترجمة بلال ـ وأنّه قد قال بهذا القول قبل المزّي ـ. وقد يكون مقصود المزّي والمقدسي من جملة «طلب إليه الصحابة» هو طلب الحسن والحسين ، إذ لم يقل أحد بأنه أذن للصحابة على نحو العموم ، وكذا لا يصحّ ما قاله بأن بلالاً لم يؤذّن بعد النبيّ إلاّ مرّة واحدة ؛ لثبوت تأذينه لفاطمة الزهراء قبل رحلته إلى الشام.
(٣) لا يخفى عليك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله هو الذي اشترى بلالاً وأعتقه ، لكن بواسطة أبي بكر إذ كانت عنده علاقات حسنة مع كفار قريش ولم يكن وَتَرهم.