الله صلىاللهعليهوآله ، بل روي أنّه كان يرجع كلّ سنة مرّة إلى المدينة فينادي بالأذان للمسلمين إلى أن مات (١) ، فلماذا لم يؤذّن للخليفة الأوّل ، ومن بعده للثاني؟!
إنّ حقيقة امتناع بلال من التأذين تتجاوز مسألة ترحيله إلى الشام للمشاركة في الجهاد ، بل إنّ المسألة لَتصل إلى معارضته لأصل خلافة أبي بكر وعمر ولأنّه أبى ـ كما يبدو ـ أن يؤذّن لهما بالأذان الذي بُدِّل فيه وغُيِّر ، والذي سخّروا له من بعد سعد القرظ مولى قريش ، الذي ظل مؤذّناً حتّى للحجّاج الثقفي ، ولم يكن له أيّ دور في المدينة في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله.
قال النووي في تهذيب الاسماء : جعل النبيّ صلىاللهعليهوآله سعد القرظ مؤذناً بقباء ، فلما ولي أبو بكر الخلافة وترك بلالٌ الأذان نقله أبو بكر إلى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ليؤذن فيه فلم يزل يؤذن فيه حتّى مات في أيّام الحجاج بن يوسف الثقفي ، وتوارث بنوه الأذان. وقيل : الذي نقله عمر بن الخطاب (٢).
ولكنّ بلالاً مع ذلك لم يمتنع عن التأذين لأهل البيت والمسلمين المخلصين ـ ولذلك قال جعفر بن محمّد : رحم الله بلالاً فإنّه كان يحبنا أهل البيت (٣) ـ ، بل إنّه
__________________
(١) انظر : الدرجات الرفيعة : ٣٦٧ ، نقلاً عن كتاب المنتقى.
(٢) تهذيب الأسماء ١ : ٢٠٧.
(٣) الاختصاص : ٧٣. ويدل على اختصاص بلال بعليّ وأهل البيت وعدم إيمانه بشرعية خلافة أبي بكر ، ما روي في تفسير الحسن العسكري : في ان بلالاً كان يعظّم أمير المؤمنين عليهالسلام ويوقره أضعاف توقيره لأبي بكر ، فقيل له في ذلك مع أنّ أبا بكر كان مولاه الذي اشتراه واعتقه من العذاب ، فأجاب من ذلك بأحسن جواب ، فكان فيما قال : ان حقَّ عليٍّ أعظم من حقه ، لأنّه أنقذني من رق العذاب الذي لو دام عليّ وصبرت عليه لصرت الى جنات عدن ، وعليّ انقذني من رق العذاب الأبد ، واوجب لي بموالاتي له وتفضيلي إيّاه نعيم الأبد «تفسير العسكري ٦٢١/ ح ٣٦٥».