وأ مّا بيعته فما كنت أبايع أحداً لم يستخلفه رسول الله ، وإنّ بيعة ابن عمّه يوم الغدير في أعناقنا إلى يوم القيامة ، فأيّنا يستطيع أن يبايِع عَلَى مولاه؟
فقال له عمر : لا أمّ لك ، لا تُقِمْ معنا!
فارتَحَلَ إلى الشام (١) ...
وفي كتاب كامل البهائي ـ لعماد الدين الطبري (٢) ـ : إنّ بلالاً امتنع عن بيعة أبي بكر والأذان له (٣).
فعلى هذا يكون بلال قد عارض خلافة أبي بكر ، وامتنع من التأذين له مع بقائه بالمدينة ، لعدم إيمانه بشرعية خلافته ، ولأنّه وعمر أرادا منه ما يأباه ، خرج إلى الشام مكرهاً لا ترجيحاً للجهاد على منصبه النبوي في التأذين ، ولاردّة فعل منه تجاه وفاة الرسول االمصطفى صلىاللهعليهوآله.
فإنّ بلالاً لم يبايع لهما ، وبقي معارضاً للغاصبين في صفّ عليّ وغيره من عيون الصحابة ، وقد أذّن في هذه المدّة لفاطمة ، وكان على اتصال بأهل البيت ، ثمّ إنّهم بعد وفاة فاطمة وإجبار عليّ على البيعة ، ونفي سعد بن عبادة إلى الشام ، وكسرهم سيف الزبير ، ووو .... أجبروا بلالاً على مغادرة المدينة تحت غطاء القتال في جبهات الشام ، وكان قد عاد إلى المدينة لزيارة قبر النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فأذّن للحسن والحسين.
وبهذا ، فإنّ مختلقة تأذينه لعمر (٤) في الجابية بالشام ، قد وضعت للتغطية على
__________________
(١) الدرجات الرفيعة : ٣٦٧ ، عن كتاب أصفياء أمير المؤمنين. وقد روى الوحيد البهبهاني قريباً من هذا في التعليقة (انظر : معجم رجال الحديث ٤ : ٢٧٢) ..
(٢) الذي فرغ من تأليفه سنة ٦٧٥ هـ. ق.
(٣) الأربعين للماحوزي : ٢٥٧ ، نقلاً عن كامل البهائي.
(٤) وضعت روايات مفادها أنّ بلالاً أذّن لعمر في الجابية ، وقد وردت بأربعة طرق :