موضع تسكنون فيه (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ) يعني الأدم (بُيُوتاً) قال القاضي ويجوز أن يتناول المتّخذ من الوبر والصوف والشعر فإنّها من حيث إنّها نابتة على جلودها يصدق عليها أنّها مأخوذة من جلودها ، فتأمل فيه (تَسْتَخِفُّونَها) قبابا وخياما يخفّ عليكم حملها في أسفاركم (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) أي وقت ارتحالكم من مكان إلى آخر (وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) أي الوقت الّذي تنزلون موضعا تقيمون فيه ، لا يثقل عليكم في الحالين (وَمِنْ أَصْوافِها) وهي للضأن (وَأَوْبارِها) وهي للإبل (وَأَشْعارِها) للمعز (١) (أَثاثاً) مالا ، قيل أنواعا من متاع البيت من الفرش والأكسية (وَمَتاعاً) أي سلعة تنتفعون بها وتتّخذونها (إِلى حِينٍ) إلى يوم القيمة عن الحسن وقيل إلى وقت الموت ، يحتمل أن يراد به موت المالك أو موت الأنعام ، وقيل إلى وقت البلى والفنا ، وفيه إشارة إلى أنّها فانية فلا ينبغي للعاقل أن يختارها كذا في مجمع البيان والأوّل بعيد.
السادسة: (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً) (٢).
أي وجعل لكم ممّا خلق من الأشجار والأبنية ظلالا أشياء تستظلّون بها في الحرّ والبرد (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) مواضع تسكنونها من كهف وثقبة تأوون إليهما (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ) قمصا من القطن والكتان والصوف (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) ترك البرد ، لأنّ ما يقيه يقيه ، واختاره على البرد ، لأنّ المخاطبين أهل الحرّ وليس عندهم البرد إلّا قليلا ، فالحفظ عنه أهمّ عندهم ، وقيل : إنّ الحرّ يقتل دون البرد ، ويحتمل أنّ البرد يمكن دفعه بشيء مثل النار والدخول في البيت ، بخلاف الحرّ (وَسَرابِيلَ) الدروع والجواشن (تَقِيكُمْ
__________________
(١) الشعر ما ينبت من مسام البدن مما ليس بصوف ولا وبر ، وهو عام ، وقول المصنف «للمعز» تمثيل ، قال في الكليات : الشعر للإنسان وغيره ، والصوف للغنم ، والمرعزاء للمعز ، والوبر للإبل والسباع ، والعفاء للحمير ، والهلب للخنزير ، والزغب للفرخ ، والريش للطائر ، والزف للنعام.
(٢) النحل : ٨١.