من الدين وبدون القيد (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) لحكمهم بخلاف الحقّ «و (الْفاسِقُونَ)» لخروجهم عن الشرع.
الرابعة : (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) (١) أمر الله تعالى الحكّام أن يحكموا بالعدل ، فتدلّ على وجوب العدل بين الناس في الحكم صريحا.
الخامسة : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) (٢).
الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوآله والكتاب هو القرآن «وبالحقّ» حال متعلّق بمتلبّسا وبما أراك الله أي أعلمك الله إيّاه بالوحي ، فهو من الرؤية بمعنى العلم لا الرأي والقياس ، فلا يدلّ على جواز القياس والاجتهاد له بل يدلّ على نفيه ، ويدلّ أيضا على عدم جواز معاونة المتخاصمين المتحاكمين ، فيأخذ جانب أحدهما ويصير خصما للآخر أو يعلّمه ما يغلب به على خصمه ، ونحو ذلك.
السادسة : (فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) (٣).
كأنّه تخيير للنبيّ صلىاللهعليهوآله ولمن يقوم مقامه من الإمام والقاضي ، إن تحاكم إليهم الكفّار ، بين أن يحكموا بينهم بالعدل ، الّذي هو الحقّ في نفس الأمر ، وهو مقتضى الإسلام ، وبين أن يعرضوا عنهم بأن يحيلوهم إلى حكّامهم يحكمون بينهم بمقتضى شرعهم إن كان في شرعهم فيه حكم كما ذكر أصحابنا.
قال القاضي : تخيير لرسول الله صلىاللهعليهوآله إذا تحاكموا إليه بين الحكم والاعراض ولهذا قيل : لو تحاكم الكتابيّان إلى القاضي لم يجب عليه الحكم وهو قول الشافعيّ والأصحّ وجوبه إذا كان المترافعان أو أحدهما ذميّا لأنّا التزمنا الذبّ عنهم ودفع الظلم منهم ، والآية ليست في أهل الذمّة ، وفيه تأمّل لأنّ ظاهر الآية في أهل الذمّة
__________________
(١) النساء : ٥٨.
(٢) النساء : ١٠٥.
(٣) المائدة : ٤٢.