نشوز المرأة وسوء خلقها ، ولعلّ المقصود ظنّهما عدم إقامة الحدود ، بأن يظهر من المرأة النشوز والبغض ، ولو بقول : لا أغسل لك رأسي من جنابة ، والرجل يخاف حينئذ أن يخرج عن الشرع بمنعها ففاعل (يَخافا) هو الزوجان ، ويعلم من السوق و (أَلَّا يُقِيما) مفعوله بنزع الخافض وفهم المخاطب لا يخلو عن شيء سيّما في (فَإِنْ خِفْتُمْ) فإنّه الحكّام أيضا مع أنّ فاعل (أَنْ يَخافا) كان غيرهم.
أي فإن ظننتم أيّها الحكّام أن لا يقيما أحكام الله من لوازم الزوجيّة فلا جناح عليهما فيما تفتدي المرأة أي عوض الطلاق الّذي يعطيه الزوج ، وتخلّص نفسها من تحت حكمه ، فكأنّها تخلّص نفسها من الملكيّة أو القتل ، حيث تخاف موتها تحته بغضا وغيظا ، أو يقتلها لمّا فهم بغضها له ، أو من المعاصي ، أي فلا ذنب على المرأة في إعطاء عوض الخلع ولا على الرجل في أخذه ، وهذا خلاف الظاهر إذ الظاهر نفي الجناح عن الحكّام ولكن نفيه عنهما يستلزم النفي عنهم ، ويحتمل كونه للأزواج في «لكم» و «تأخذوا» و «آتيتموا» وفي «خفتم» للحكّام.
وقال في الكشّاف ونحو ذلك غير عزيز في القرآن وهو خلاف الظاهر مع العدول عن الخطاب إلى الغيبة بقوله (أَنْ يَخافا) والحطاب بالخوف إلى الحكّام مع إسناده أوّلا إلى الزوجين ، ويحتمل أن يكون الخطاب في الجميع للأزواج ، ولكن عدل عن خطاب الجمع إلى غيبة التثنية أي يخافا ويقيما ، ثمّ منها إلى الخطاب بقوله (فَإِنْ خِفْتُمْ) ثمّ منه أيضا إلى الغيبة في قوله (أَلَّا يُقِيما) فتأمّل.
وبالجملة يعلم من تفسير هذه الآية عدم قصور الانتقال في خطاب واحد وكلام واحد من ذكر حال شخص إلى آخر ، وأنّ ما نجد غير حسن على سليقتنا ليس بمعتبر ، فلا بعد في كون آية التطهير في شأن من يقوله الأصحاب ، ولا تكون مقصورة على الزوجات كما يدّعيه غيرهم ، ويقولون خلاف سوق الآية إذ ما قبلها وما بعدها في الزوجات ، سيّما على القول بدخولهنّ أيضا إلّا ما أخرجه دليل خارج.
(تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) إشارة إلى ما حدّ من الأحكام السابقة من العدّة والرجعة