من النكاح والزينة الّتي لا ينكر مثلها وهذا معنى قوله (بِالْمَعْرُوفِ) وقيل معناه ما يكون جائزا ، وقيل معناه النكاح الحلال والظاهر أنّ الأوّل لا يناسب لو لم يكن المراد ما لا ينكر شرعا ، ومع المراد يكون هو الثاني ، وأنّ الأخير أخصّ ممّا قبله.
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) أي عليم ففيه ترغيب وترهيب كما هو العادة في تعقيب أكثر الأحكام للمبالغة والاهتمام بإقامة حدود الله.
وقال في مجمع البيان إنّ هذه ناسخة لقوله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) إلى قوله (غَيْرَ إِخْراجٍ) (١) وإن كانت متقدّمة عليه في التلاوة ، ولعلّ المنافاة باعتبار وجوب العدّة سنة المفهوم من قوله (إِلَى الْحَوْلِ) كما قاله القاضي وفيه تأمّل ، وإمّا باعتبار وجوب الوصيّة وإمتاعهم وعدم إخراجهم عن بيوت الأزواج إلى الحول فغير ظاهر وبالجملة إنّما يتحقّق بعد العلم بتفسيرها وسيجيء إنشاء الله تعالى.
الثامنة : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (٢).
الطلاق بمعنى التطليق كالسلام والكلام بمعنى التسليم والتكليم ، أي التطليق الرجعيّ ثنتان فإنّ الثالثة بائن لما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنّه سئل عن الثالثة فقال عليه الصلاة والسلام (أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) أو أنّ التطليق الشرعيّ تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع والإرسال دفعة واحدة ، ولم يرد بالمرّتين التثنية بل مطلق التكرير كقوله (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ) (٣) أي كرّة بعد كرّة لا كرّتين فقط ، ومثله من الثاني الّتي يراد بها التكرير قولهم لبّيك وسعديك.
(فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) تخيير للأزواج بعد أن علّمهم كيف يطلّقونهنّ ، بين أن يمسكوا النساء بحسن المعاشرة والقيام بحقّهنّ الواجب عليهم
__________________
(١) البقرة : ٢٤٣.
(٢) البقرة : ٢٢٩.
(٣) الملك : ٥.