يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (١).
يعني إذا طلّقتم النّساء وانقضت عدّتهنّ فلا تمنعوهنّ عن التزويج ، قيل : المخاطبون هم الأزواج الّذين يعضلون نساءهم بعد مضيّ العدّة ولا يتركونهنّ بتزوّجن عدوانا وقسرا للحميّة الجاهليّة بقرينة أنّ الخطاب كان لهم ، فيكون منعا لهم من عضلهم نساءهم ، فيكون (أَنْ يَنْكِحْنَ) مجرورا بتقدير «من» وإطلاق الأزواج على الحطّاب باعتبار أن يصيروا كذلك لحصول الرضا [والشرائط] وقيل هم الأولياء لما روي أنّها نزلت في معقل بن يسار حين عضل أخته أن ترجع إلى زوجها باستيناف عقد ، وقيل هما معا ، وقيل الناس كلّهم بمعنى أن لا يوجد فيما بينكم العضل فإنّه إذا وجد بينهم وهم راضون به ، كانوا كالعاضلين ، والعضل : الحبس والمنع والتضييق.
هكذا في التفسيرين ، ولا يحتاج إلى ذلك لاحتمال أن يكون الخطاب للناس بمعنى أن ليس لأحد منع المرأة من التزويج بالكفو إذا حصل التراضي بينهما ، ولا يحتاج أن يكون باعتبار عضل الوليّ أو الزّوج ورضا غيره به ، وعلى تقدير كون سبب النزول ما ذكر لا يلزم كون الخطاب للأولياء خاصّة لعموم اللفظ ، مع عدم تسليم كون الأخ وليّا وليس فيها دلالة عليهما ، فعلى التقادير علم عدم دلالتها على منع الوليّ المرءة عن الزواج بالكفو وعدم استقلالها ، وإن قلنا إنّ الخطاب للوليّ ، والأخ وليّ وسبب النزول حقّ إذ استقلال المرأة بالتزويج لا يستلزم عدم منع أحد لها قسرا وجورا وظلما بل الظاهر أنّه على ذلك التقدير يعلم أن ليس للوليّ منعها بل هي مستقلّة.
فقول القاضي : فيكون دليلا على أنّ المرأة لا تتزوّج نفسها إذ لو تمكّنت منه لم يكن لعضل الوليّ معنى ، ضعيف ، فلا يبعد أن يستدلّ بها على عدم جواز منع
__________________
(١) البقرة : ٢٣٢.