فرفعها الله في الجنّة فهي فيها تأكل وتشرب ، وقيل إنّها أبصرت بيتها في الجنّة في درّة (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ) وعذابها ، قيل كان أمر بأن يلقى عليها صخرة عظيمة فدعت الله وانتزع الله روحها فألقيت الصخرة على جسد لا روح فيه ، فلم تجد ألما من عذاب فرعون ، وقيل إنّها كانت تربط وتستقبل بالشمس وإذا انصرفوا عنها أطلقها الملائكة وجعلت ترى بيتها في الجنّة (وَعَمَلِهِ) أي دينه وقيل جماعه (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) من أهل مصر أتباع فرعون.
وقد خرجنا في هذا المقام عمّا نحن فيه في الجملة لأنّه باعث على فعل الطّاعات وترك المعصيات وهو المقصود الحقيقيّ من كلّ فعل الإنسان الّذي ينتفع ، بل المقصود من فعل الله تعالى وخلقه.
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) (١) اطلبوا من الله المغفرة بالتوبة والاستغفار عن الكفر والعصيان (إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) كثير المغفرة للمستغفرين التائبين ، ولكلّ من طلب المغفرة ، فيغفر جميع من طلب المغفرة وتاب تفضّلا منه وكرما (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) أي إن استغفرتم يسيل السماء بحسب الرؤية وظاهر الحال أو السحاب أو المطر إذ قد يطلق عليهما السماء فيحصل عليكم بالمطر سيلا ويكثر ذلك فهو كناية عن كثرة المطر والغيث فيحصل لذلك خير كثير (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ) أي يكثر أموالكم وأولادكم الذكور أيضا (وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ) أي بساتين أيضا في الدّنيا (وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً) تسقون بها بساتينكم.
قيل إنّ قوم نوح عليهالسلام كانوا قد قحطوا وهلكت أموالهم لأنّه منع منهم الغيث أربعين سنة ، وهلكت أولادهم وصارت نساؤهم لا يلدن ، فأراد نوح عليهالسلام حصول ما منعوا منه ممّا يشتهون ، فأمرهم بالاستغفار الموجب لذلك ، كأنّه علم ذلك نوح عليهالسلام بإلهام الله تعالى إيّاه.
ففيه دلالة على وجوب الاستغفار والتوبة ، وحصول فوائد له ، وهي كثرة
__________________
(١) نوح : ١٠.