من الذنب كمن لا ذنب له ، ويدلّ على أنّها مقبولة إلى أن يعاين الموت أنّه وضع يده صلىاللهعليهوآله على حلقه وقال : وإلى هنا ، وغير ذلك ويدلّ حكاية فرعون في القرآن على ذلك ، وقد نقل في مجمع البيان : الإجماع على ذلك في موضعين فما هو في التجريد من أنّه لا يجب القبول على الله كما هو مذهب المعتزلة ، ومذكور في مجمع البيان أيضا في موضع ، معناه عدم الوجوب العقلي أي مع قطع النظر عن دليل الشرع لا شيء في العقل يدلّ على وجوب القبول على الله ، لأنّ من أساء إلى أحد فللمساء إليه أن يعفو ، وأن يعاقب. كلاهما حسن ، إلّا أنّ العفو أحسن.
وقد يقوم الدعاء مقام الاستبراء إذا كان صاحب الحقّ ميّتا أو غائبا عنه ، وتعذّر الوصول إليه ، وكان الحقّ هتك عرض بالغيبة مثلا فقد وجد في كتب العامّة والخاصّة وزاد في العامّة أنّه يدعو له كثيرا ويستغفر له ، وقد قيل أيضا إذا لم يصل إليه الغيبة يكفي الدعاء ولا يحتاج إلى الاستبراء بل يكفي الدعاء والتوبة ، وقيل إذا استبرأ فالإبراء أولى للآية (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١) وغير ذلك من الآيات والأخبار.
ثمّ أشار إلى التمثيل بامرأة نوح وامرأة لوط ، بأنّه لا ينفع أحدا صلاح أحد حتّى حفصة وعائشة وغيرهما صلاح النبيّ صلىاللهعليهوآله كما في امرأتي هذين النبيّين العظيمين ، فإنّ أمر أتيهما خانتاهما قال في الكشّاف والقاضي : بالنفاق ، وقيل بأن كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس إنّه مجنون ، وإذا آمن به أحد أخبرت به الجبابرة من قوم نوح ، وكانت امرأة لوط تدلّ على أضيافه فكان ذلك خيانتهما فما بغت امرأة نبيّ فكذا نبيّنا بالطريق الأولى ولهذا قالوا قطع الله بهذه الآية طمع من ركب المعصية رجاء أن ينفعه صلاح غيره.
وقال في الكشاف : وفي طيّ هذين التمثيلين تعريض بأمّي المؤمنين المذكورتين في أوّل السورة وما فرط منهما من التظاهر على رسول الله بما كرهه ، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشدّه لما في التمثيل من ذكر الكفر ، ونحوه في التغليظ قوله (وَمَنْ كَفَرَ
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.