قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (١).
في الكشاف : دلكت الشمس غربت وقيل زالت وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. «أتاني جبرئيل لدلوك الشمس فصلّى بي الظهر (٢)» واشتقاقه من الدّلك لأنّ الإنسان يدلك عينيه عند النظر إليها ، فإن كان الدلوك الزوال ، فالآية جامعة لأوقات الصلوات الخمس والظاهر ذلك كما يدلّ عليه اللّغة والرواية المتقدّمة ، وكذا روايات الخاصّة ، ولكن يتوقّف مع ذلك على كون الغسق غير دخول أوّل اللّيل ، بل الظلمة الشديدة ، وهو نصف اللّيل كما يدلّ عليه بعض روايات الخاصة ففيها دلالة على سعة وقت جميع الصلوات الخمس على الإجمال ، فيخصّص ويتعيّن بضمّ الأخبار أو الإجماع على الوجه المقرّر فيتمّ المطلوب فتأمل.
قال في الكشّاف : والغسق الظلمة ، وهو وقت صلاة العشاء ، وفيه إجمال من حيث عدم معلوميّة آخر الوقت بل أوّله أيضا وقال فيه أيضا (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) صلاة الفجر ، سمّيت قرآنا ، وهو القراءة لأنّها ركن كما سمّيت ركوعا وسجودا وقنوتا ، لعلّ مراده بالركن هو الواجب الّذي بتركه عمدا تبطل الصلاة لا سهوا أيضا كما هو اصطلاح الأصحاب (مَشْهُوداً) تشهده ملائكة الليل والنهار ، هذا إن فعلت في أوّل وقتها ، ففيه إشارة إلى المبالغة في فعلها أوّل الوقت ، وعند بعض الفقهاء ليس الوقت إلّا الآخر في جميع الصلوات الموسّعة ، ومن يفعلها في أوّل الوقت فهو مقدّمها ، ويجزئ ، فهو خروج عن النصّ بالهوى فتأمل.
قال في مجمع البيان في الدلوك : فقال قوم زوالها وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما الصلاة والسلام (٣) ومعنى (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) عند دلوكها. وقيل غسق اللّيل هو أوّل بدوّ اللّيل عن ابن عبّاس ، وقيل هو انتصاف اللّيل
__________________
(١) أسرى : ٧٨ و ٧٩.
(٢) سنن ابى داود ج ١ ص ٩٣ ، ومثله في سيرة ابن هشام ج ١ ص ٢٤٥.
(٣) تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٠٨