مرويّان عندنا ، والمراد تقدير المهر ولزومه بحيث لا يرجع إليه شيء ، وذلك لم يكن إلّا بعد الوطي على المشهور (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) أي أخذت الزوجات منكم عهدا وثيقا بالعقد وأحكم لوازمها بالوصيّة مرارا ، مثل قوله (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) و (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) (١) وعدم التجاوز عن مطلق حدود الله وارتكاب المأمورات واجتناب المعاصي.
فالآية دلّت على لزوم المهر بالوطي دون غيره بمعنى أنّه لا يرجع إلى الزوج منه شيء أصلا بالطلاق والفسخ ، وعلى الرواية الأخرى الخلوة مثل الوطي ، والأوّل أشهر ، فلا ينافي ما تقدّم من أنّ المهر لازم بمجرّد العقد ، وفيها دلالة ما على رجوع الشيء إلى الزوج بالطّلاق قبل الوطي والإفضاء ، ويحتمل دلالتها على عدم جواز الرجوع في الهبة وغيرها للزوج لعموم الآية وتدلّ على جواز الغلافي المهر مهما وقع عليه التراضي كما دلّ عليه السنّة ، وكأنّه على غير المهر حملها السيّد حيث ذهب إلى عدم جواز الزيادة عن مهر السنّة ، وهو بعيد عنه ، لأنّه خلاف ظاهر الاية ، والسنّة الشريفة ، والعقل ، أو أنّه يقول لا يجوز ولكن يلزم بالعقد والوطي وهو أيضا بعيد ، ويمكن حمل كلامه على الاستحباب.
فمنع عمر من غلاة وجعل الزائد في بيت المال لا وجه له ، وإن كان للأوّل وجه كما قلنا للسيّد ، ولكن لا وجه للثاني وكأنّه لذلك جعل من مطاعنه ، أو لكونه خليفة وإماما ففرق بينه وبين السيّد ولقبوله اعتراض المرأة ولقوله كلّ الناس أفقه من عمر قال في الكشّاف : وعن عمر أنّه قام خطيبا فقال أيّها النّاس لا تغالوا بصدق النساء إذ لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلىاللهعليهوآله فإنّه ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشر أوقية فقامت إليه امرأة فقالت له لم تمنعنا حقّا جعله الله لنا ، والله يقول (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) الآية فقال عمر : كلّ أحد أعلم من عمر ، ثمّ قال لأصحابه تسمعونني أقول مثل هذا فلا تنكرونه عليّ حتّى تردّ
__________________
(١) البقرة ٢٣١ و ٢٢٩.