والخطاب هنا أيضا قيل للأولياء ولا يبعد كونه لمن بيده مال اليتيم ، ويمكن إطلاق الوليّ عليه مسامحة فيكون مراد القائل إنّ الخطاب للأولياء ذلك في الموضعين فبلوغ النكاح كناية عن البلوغ وهو يحصل بما تقدّم ، والمراد بإيناس الرشد إبصاره والعلم به ، وسيجيء أنّ الظاهر أنّ المراد به إصلاح المال بل حفظه وعدم صرفه فيما لا يليق بحاله ، وإن لم يكن عالما بصرفه بالفعل فيما ينبغي بمعنى عدم معرفته بالسعر ، وعدم قدرته على المعاملات ، وتحصيل الأموال ، وأنّه لا يعتبر فيه العدالة وقيل باعتبارها في حصول الرشد ، ونقل الإجماع على عدم اعتبارها في بقاء الرشد في التذكرة ، وقد ادّعى عليه الإجماع أيضا في مجمع البيان وقال المراد به العقل وإصلاح المال وهو المرويّ عن الباقر عليهالسلام فمراده ما قلناه ، وقد حذف العقل من تعريف الرشد في عبارات الفقهاء لأنّ الغرض حصول العقل بل البلوغ أيضا وبيان ما يعتبر بعد ذلك وهو إصلاح المال ، وأنت تعلم أنّه لا يحتاج في الرشد إلى القدرة على الكسب ولا يضرّ عدم الكسب بل تركه وعدم تحصيل المال به على تقدير القدرة أيضا ولا القدرة على تحصيل المال بالمال ، بل ولا القدرة على المعاملات بنفسه ، بل يكفي الحفظ فقط ، بحيث لا يعدّ مضيعا له وإن تصرّف لا يتصرّف تصرّفا غير لائق بحاله ولا يحتاج إلى كون ذلك ملكة أيضا.
كلّ ذلك للأصل ، وثبوت تسلّط المالك على ملكه بالعقل والنقل ، وخرج المضيّع بالدليل ، وبقي الباقي ، ولحصول المقصود ، ولأنّ كلّ أحد ليس ممّن له كسب أو قدرة على تحصيل المال والمعاملة ، فما ذكر في كتب الفقه مثل شرح الشرائع محلّ التأمّل ، وقد حقّقنا الأمر فيه في شرح الإرشاد. فالآية تدلّ على وجوب الامتحان حتّى يعلم البلوغ والرشد على من بيده المال ووجوب الدفع بعد ذلك ولا يحتاج إلى الحاكم والوليّ ، ولا إلى الطلب كسائر الحقوق مثل الدين ، كأنّه بمنزلة الأمانة الشرعيّة ولا يبعد ذلك إلّا أن يرضى بالبقاء عند من كان ولا يبعد الفوريّة أيضا حينئذ بل مطلقا لتعقيب الإيجاب بالفاء بعد البلوغ وإيناس الرشد.
وينبغي الإشهاد عند الدفع لما قال في آخر الآية وظاهرها الوجوب ، ولكن