على عدم الوجوب ، وأصل عدم النسخ والروايات ، فيفهم حينئذ منها الاستحباب المؤكّد للمذكورين.
فيفهم من الآية الّتي بعدها وهي (فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) تحريم تبديل تلك الوصيّة كما هو الظاهر لا تحريم جميع الوصايا ويحتمل التعميم للعلّة الظاهرة وعدم القائل بالفصل ولكنّ الأول قد يمنع ، وإذا كان الإجماع ثابتا فلا يحتاج إلى ضمّ هذه الآية بل يستدلّ به أوّلا فاستدلال الأصحاب بهما سيّما المحقّق الثاني على تحريم تبديل الوصايا مطلقا والحبس والوقف وغير ذلك محلّ التأمّل ، بعد بقاء حكمها وعدم نسخها أيضا.
ثمّ الفاء للتعقيب و «من» مبتدأ موصولة متضمّنة لمعنى الشرط ، و «بعد» ظرف التبديل مضافة إلى ما المصدرية ويحتمل الموصولة ، وتكون عبارة عن الوصيّة المسموعة ، وهو تغيير الحقّ عن موضعه والفاء جزائيّة و «ما» كافّة مانعة عن العمل كما في حيثما ومهما ، و «على الّذين» متعلّقة بمقدّر خبر «إثمه» وهو مبتدأ ، والضمائر البارزة كلّها للوصيّة إلّا ضمير إثمه فإنّه راجع إلى «من» لأنّ الجملة خبر له ، ولا بدّ فيه من عائد ، وليس غيره ، أو راجع إلى تبديله أي إلى تبديل من فبهذا الاعتبار يصحّ ، أو أنّه راجع أيضا إلى الوصيّة أي الإيصاء المغيّر ، ويكون «على الّذين» عائدا لأنّه ذكر في الرّضي أنّ العائد قد يكون وضع المظهر موضع المضمر وهنا الّذين هي بعينها «من» فكأنّه قال فإنّما إثمه عليهم أي المغيّرين ، ولعلّه أتى بالّذين للتصريح ووصف التغيير والتبديل وجمعه لأنّ المبدّل كثير إذ قد يكون وارثا ووصيّا وشاهدا وغيرهم (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) وعد ووعيد للعامل بالوصيّة بل سائر العبادات وتاركها ، فإنّه يعلم السرّ وأخفى وما يستحقّانه فيجازي بما عملاه ، ولعلّ في قوله (بَعْدَ ما سَمِعَهُ) تنبيه على عدم جواز التكليف والإثم ، قبل العلم ، كما يدلّ عليه العقل أيضا.
ثمّ اعلم أنّه قال في مجمع البيان : في هذه الآية دلالة على أنّ الوصيّ أو الوارث إذا أفرط في الوصيّة أو غيّرها لا يأثم الموصي بذلك ، ولم ينقص من أجره