وزر من عمل بها إلى يوم القيمة ، وهو ظاهر.
نعم ينافيه مؤاخذة العاقلة في الخطاء فخرج بالنصّ والإجماع ، وقيل لا ينافي الأخيرة ما هو المقرّر في الشرع من انتفاع الناس بعمل ولده وأخيه من الصدقة والحجّ ، بل الصلاة والصوم وغيرهما ممّا يفعل له بعده ، لأنّ سعي غيره كأنّه سعي نفسه ، وهو أن يكون مؤمنا صالحا لذلك فهو مبنيّ على سعيه ونتيجته ، ولهذا لو لم يكن مؤمنا لم ينفعه سعي غيره أصلا ، ولأنّ سعي غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه ، ولكن إذا نواه له ، فهو بحكم الشرع ، كالنائب عنه والوكيل القائم مقامه فيهما تأمل ، إذ لا شكّ أنّ الثواب الواصل إليه مثلا من الصدقة هو ثواب الصدقة وهي ليست فعله ، وفعل النائب أيضا على تقدير التسليم ليس فعل المنوب ، فليس الثواب مترتّبا على فعله ، وهو ظاهر.
ويمكن أن يقال إنّه من دين موسى وإبراهيم عليهماالسلام وأن يقال : لمّا ثبت بالنصّ والإجماع وصول ثواب إلى شخص بفعل غيره مثل ما تقدّم ، لا بدّ من تخصيص هذه الآية بهما وليس ذلك بعزيز ، وأن يقال معناه أن ليس له ابتداء إلّا جزاء سعيه ، وهذا ليس له ابتداء بل لغيره ثمّ أعطاه إيّاه ، كالتفضّل الّذي يتفضّل الله تعالى به ، وأن يقال ليس له حقّ واجب يستحقّ طلبه إلّا جزاء عمله وسعيه فتأمّل أو يقال معناه ليس للإنسان مطلقا جزاء إلّا جزاء عمل إنسان ، وليس فيه تصريح بأن ليس لأحد إلّا جزاء عمله فتأمّل.
(وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (١) قيل : مرفوع لفظا منصوب محلّا على الحاليّة عن فاعل «تمنن» أي ولا تعط مستكثرا ورائيا عادّا لما تعطيه كثيرا عظيما معتبرا في نظرك بل عدّه حقيرا كاللّاشيء ، ويحتمل كون المنّ بمعنى مطلق الإحسان ، قال في القاموس منّ عليه منّا أنعم واصطنع عنده صنيعة ومنة امتنّ. كما ورد في الروايات أنّ المحسن ينبغي أن يعدّ إحسانه إلى الغير حقيرا بل كالعدم وينساه ، بخلاف الإحسان إليه فإنّه ينبغي أن يعدّه عظيما ولا ينساه ، وإن كان قليلا وحقيرا
__________________
(١) المدثر : ٦.