الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ» وقال عليهالسلام من ولي جائرا على جور كان قرين هامان في جهنّم ، ويحتمل الظلم على الغير مطلقا ومطلق الظلم الموجب لسخطه كما مرّ ، وقال في مجمع البيان أي لا تميلوا إلى المشركين في شيء من دينكم عن ابن عبّاس ، وقيل : لا تداهنوا الظلمة عن السدّى ، وابن زيد ، وقيل إنّ الركون إلى الظالمين المنهيّ عنه ، هو الدخول معهم في ظلمهم أو إظهار موالاتهم ، وأمّا الدخول عليهم ومخالطتهم ومعاشرتهم دفعا لشرّهم فجائز عن القاضي ، وقريب منه ما روي عنهم عليهمالسلام أنّ الركون هو المودّة والنصيحة والطاعة لهم ، والأوّل بعيد ، والثاني قريب ممّا قلنا إنّ المراد هو حكّام الجور ، ومعلوم أنّ مخالطتهم لدفع شرّهم جائز عقلا ونقلا.
ويحتمل أن يكون المراد الميل إلى مطلق الظالم من حيث الظلم كما مرّ إليه الإشارة ، ولهذا قالوا : يجوز مدح من يستحقّ الذّمّ من وجه آخر بوجه لا يستلزم مدحه على القبيح ويدلّ عليه العقل ، وبالجملة المراد المبالغة في المنع عن الميل إلى الظالم والظلم خصوصا على ما ذكره في الكشّاف والقاضي وإلّا يلزم كون الميل إلى بعض أكابر الصحابة موجبا لمسّ النار لأنّه قد وجد منهم الظلم والكفر قبل الإسلام ، والاستدلال بهذه الآية على اشتراط العدالة في الوصيّ ومستحقّ الزكاة والخمس وعدم جواز إعطاء شيء إلى غير العدل ليس بصحيح وهو ظاهر ، نعم يمكن الاستدلال بها على تحريم اختلاط الظلمة ومعاشرتهم ، ووجوب التنفّر عنهم واجتنابهم مطلقا ، وخصوصا حكّام الجور ، وسيّما من حيث الظلم والذنب وهو ظاهر عقلا من غير حاجة إلى هذه الآية الشريفة ، وفّقنا الله وإيّاكم للاستقامة وعدم الخروج عن الطاعة.
(أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) استجازوا أباهم في اللّعب وقد أجاز لهم ، فيدلّ على عدم تحريم اللّعب مطلقا إلّا ما ثبت تحريمه بخصوصه إلّا أن يقال إنّه مخصوص بشريعتهم إذ لم يثبت حجّيّة شرع من قبلنا أو يقال إنّ المراد اللّعب الخاصّ
__________________
(١) يوسف : ١٣ على قراءة.