متداولا بين المسلمين وينقلون جواز ذلك عن المشايخ رحمهمالله ، ولكن يجب فيه الاحتياط التامّ بل اشتراط خيار للمالك إن أمكن ، وتسليم ماله إلى يد أمين مليّ وجعله في ذمّته مع رهن. وبالجملة لا بدّ من مراعاة الأحسن.
ويؤيّده أيضا بعض الآيات مثل (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ)(وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا) الآية ، إذا كان المتصرّف ممّن تضمّنت الآية جواز الأكل له من بيوتهم ، فإنّه إذا جاز له الأكل جاز له مثل هذه التصرّفات بالطريق الأولى ويؤيّده أيضا ما في الأخبار أنّ المؤمن أخ المؤمن ، وأن يجعل نفسه كنفسه ، وما له وعرضه كماله وعرضه ، في حفظه ، فتأمّل.
(وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) (١) صحّة عطفه مثل ما تقدّم ، أي يجب إيفاء الكيل والوزن بالعدل والسويّة ، ولمّا كان مشكلا أردفه بقوله (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) أي إلّا ما يسعها ويقدر عليه من غير حرج وضيق فعليكم الجهد في تحصيل الحقّ ، وما وراء ذلك معفوّ عنكم ، وأمّا صاحب المال فيستحبّ له أن يعطي زائدا ويأخذ ناقصا ، ومع التشاحّ يمكن ترجيح من بيده الكيل والوزن ومع عدمه أو مطلقا القرعة ، وترجيح جانب صاحب المكيل والموزون لأنّ الزيادة من طرفه أسهل ، حيث ما يعطي الثمن غالبا وأنّه العادة في الأكثر.
(وَإِذا قُلْتُمْ) في حكومة وشهادة بل مطلقا (فَاعْدِلُوا) فيه أي استعملوا العدل والحقّ في ذلك القول (وَلَوْ كانَ) المقول فيه (ذا قُرْبى) أي قرابة القائل ، بل لو كان نفسه فيقرّ بما يضرّه في الدنيا فانّ ذلك نفع له بحسب الحقيقة ، وإن كان بحسب الظاهر يرى أنّه مضرّ ، ففيه دلالة على وجوب الشهادة على الأقارب مطلقا حتّى الآباء والأمّهات وقبولها (وَبِعَهْدِ اللهِ) متعلّق بما بعده أي (أَوْفُوا) للتأكيد والمبالغة للحصر المستفاد أي يجب إيفاء ما عهد الله إلى المكلّف لا غير أي لا تصر إلى غيره وتجعله معارضا له وتتركه به ، ففيها دلالة على وجوب الإيفاء بالشروط والعهود والنذور
__________________
(١) أسرى : ١٥٤.