(لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ) (١) وبقوله صلىاللهعليهوآله لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفس منه (٢).
والمرويّ عن أئمّة الهدى عليهمالسلام أنّهم قالوا : لا بأس بالأكل لهولاء من بيوت من ذكره الله تعالى بغير إذنهم قدر حاجتهم من غير إسراف ، وأنت تعلم أنّ حصول الرخصة لمن دخل حائطا أيضا محلّ التأمّل ، وما جوّزه بعض الأصحاب ومن جوّزه ما قيّده بالجائع ولا بالحائط بل قال للمارّ على الغلّة وغيرها أن يأكل منها ، وإنّي ما رأيت جواز شرب اللّبن ، وأنّه لا منافاة بين الآيتين حتّى يكون ما هنا منسوخة وهو ظاهر ، وعدم صلاحيّة الخبر للناسخيّة أظهر ، وأنّ المرويّ عنهم عليهمالسلام متّبع وإن كان قدر الحاجة الّذي في ما روي عنهم غير ظاهر من الآية بل ظاهرها دالّ على عدمه ، نعم لا بدّ من عدم الإسراف والتضييع كما في غيرها ويمكن حمل قدر الحاجة عليه أو تخصيص الآية إن صحّ الخبر به ، وأيضا ظاهرها عدم اشتراط الاذن ، بل عدم البيت في الأخيرين.
ثمّ اعلم أنّه يمكن فهم جواز ما يكون أدنى من الأكل بالموافقة كالصلاة في بيوتهم ودخولها بغير إذنهم إذا لم يكن فيه أحد ، بل جعله سكنى ، والصلاة على فرشهم وفي لباسهم والغسل والوضوء بمائهم وفي بيوتهم وهو ظاهر فافهم ، والظاهر من الآية أنّه يكفي عدم العلم بعدم الرضا ، بل ظاهرها شامل لجواز الأكل مع ظهوره أيضا إلّا أنّه لا يبعد التقييد بذلك لقبح ذلك عقلا ونقلا ، وأنّ المراد من الإطلاق ذلك ، حيث إنّ ما ذكر مظنّة الرضا والاذن والله يعلم. فقول القاضي هذا كلّه إنّما يكون إذا علم رضا صاحب البيت بإذن أو قرينة ، ولذلك خصّص هؤلاء فإنّه يعتاد التبسّط بينهم ، أو كان في أوّل الإسلام فنسخ فلا احتجاج للحنفيّة به على أن لا قطع بسرقة مال المحرم : باطل. فإنّه إذا علم رضا صاحب المال يجوز الأكل من بيوت من تضمّنه الآية وغيرها ، فالتقييد بعيد ، والنسخ أبعد من ذلك ، بل لا معنى له ، لعدم الموجب.
__________________
(١) الأحزاب : ٥٣.
(٢) راجع مجمع البيان ج ٧ ص ١٥٦.