ذُنُوبَكُمْ) (١) والمراد حفظ اللّسان في كلّ باب لأنّ حفظه وسداد القول رأس الخير كلّه ، والمعنى واتّقوا الله وراقبوه في حفظ ألسنتكم وتسديد قولكم ، فإنّكم إن فعلتم ذلك أعطاكم الله ما هو غاية الطلبة من تقبّل حسناتكم ، والإثابة عليها ، ومن مغفرة سيّئاتكم وتكفيرها. وقيل إصلاح الأعمال التوفيق في المجيء بها صالحة مرضيّة.
وفي قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) (٢) مقتا تمييز للدلالة على أنّ هذا القول مقت عظيم كأنّه حقير دونه كلّ عظيم ، وهو أشدّ البغض مبالغة ، وتوبيخ كثير على القول بشيء دون العمل به ، فتدلّ على [لزوم] كون الواعظ متّعظا ، والظاهر خلافه كما هو المشهور ، فيمكن أن لا يكون المنع من القول ، بل من عدم العمل بعد تحريض الناس عليه وترك نفسه (٣) وهو قبيح عقلا أيضا كما يظهر من هذه الآية ، وعن بعض السلف أنّه قيل له حدّثنا فسكت ثمّ قيل له : حدّثنا فقال تأمرونني أن أقول ما لا أفعل؟ فأستعجل مقت الله؟ وأن يكون المراد النهي عن قول لعمل لا يعمله يعني بعد بشيء وفي نفسه عدمه فيدلّ على تحريم خلف الوعد حينئذ لا مطلقا ، مع احتمال الإطلاق فتأمّل ، أعاذنا الله وإيّاكم عنه ، ووفّقنا للعلم والقول والعمل.
__________________
(١) الأحزاب ٧٠ و ٧١.
(٢) الصف : ٣.
(٣) لكنه خلاف نص الآية الشريفة : فإن «مقتا» هو تميز «كبر» وفاعله «أن تقولوا» بتقدير المصدر ، فمعنى الآية الشريفة أن قولكم بما لا تعملونه ممقوت عند الله تعالى من كبائرا لمقت ، وهذا المعنى مؤيد بالعقل والنقل : أما النقل فروايات في ذلك ، وأما العقل فنكير العقلاء على من كان واعظا غير متعظ.