لو كان الأوّل الصدّ ، وأمّا لو حصلا معا فعلى ما ذكرناه من النحر في مكان المنع فيهما لا يبعد وجوب اختيار حكم الحصر إن لم يوجب الحلق أو التقصير على المصدود لوجوده في الآية محقّقا على ما مرّ ، ودخول أفعال الصدّ فيه ، والاحتياط.
ويحتمل وجوب أحكامهما معا للموجب لكنّه بعيد ، إذ الظاهر أنّ الغرض التحلّل ، ولهذا قال المفسّرون : المراد إن أردتم التحلّل فما استيسر ، وليس بذلك البعد ، لو كان البعث متعيّنا في الإحصار والذبح في المكان ، والتصدّق به في الصدّ ولا شكّ أنّه أحوط والتخيير أيضا بعيد ، لوجود موجب القصر أو الحلق ، والبعث على الاحتمال ، وعدم تحلّل النساء حتّى يطوف ، ويحتمل كون الأمر كذلك لو شرع في بعض أفعال أحدهما فحصل الآخر قبل إتمامه أو لم يشرع أصلا ، والظاهر أنّه يجب العمل بالأوّل لوجوده أوّلا واستقراره ، وعدم تحقّق الآخر لأنّه ممنوع بالأوّل ، فلا يتحقّق المنع من الثاني ، وهو ظاهر إذ المريض الذي لا يقدر على الذّهاب إلى الحجّ مثلا إذا حصل له عدوّ فيمنعه على تقدير برئه لا يقال له : إنّه منعه العدوّ.
وقد تحقّقت من هنا ما في قول الدّروس : لو اجتمع الإحصار والصدّ فالأشبه تغليب الصدّ لزيادة التحلّل به (١) ويمكن التخيير وتظهر الفائدة في الخصوصيّات والأشبه جواز الأخذ بالأخفّ من أحكامهما ، ولا فرق بين عروضهما معا أو متعاقبين نعم لو عرض الصدّ بعد بعث المحصور أو الإحصار بعد ذبح المصدود ولما يقصّرا ، فترجيح جانب السابق قويّ. فتأمّل فيما ذكرته وفيما ذكره يظهر لك ما فيهما.
ثمّ إنّ الأحكام المشتركة بينهما كثيرة مذكورة في الكتب الفقهية وكذا
__________________
(١) اى النساء فإنهن يحللن بذبح الهدى في الصد دون الحصر وقد مر ، وفي كونه سببا للترجيح تأمل بل يمكن جعله سببا للمرجوحية كما ذكرناه للاحتياط ووجود المنع منه والموجب فتأمل وأيضا في قوله والأشبه جواز الأخذ بالأخف تأمل فإنه ان كان الصد فهو تكرار لا يحتاج إليه وان احتمل غيره فهو غير مناسب بعد اختيار الصد على ان الظاهر ان لفظ جواز لغو بل مضر مناف لقوله يمكن التخيير ان اعتبر مفهومه فتأمل.