سواء وهو ظاهر ، ويؤيّده ما نقل أنّ المشركين كانوا يمنعون المسلمين عن الصلاة في المسجد الحرام ، والطواف بالبيت ، ويدّعون أنّهم أربابه وولاته ، فنزلت ففي الآية دلالة على التسوية ، وكون المسجد الحرام معبدا ، وعلى تحريم المنع عن العبادات وعن المسجد الحرام كما في قوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) (١).
(وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ) أي في المسجد الحرام وكأنّ المراد الحرم (بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) في الكشّاف الإلحاد العدول عن القصد ، هما حالان مترادفان أي كلّ منهما حال عن فاعل يرد ، ومفعوله متروك ليتناول كلّ متناول ، كأنّه قال ومن يرد فيه مرادا مّا عادلا فيه عن القصد ظالما ، يعني أنّ الواجب على من كان فيه أن يضبط نفسه ويسلك طريق السداد والعدل في جميع ما يهمّ به ويقصده ، وقيل الإلحاد في الحرم منع الناس عن عمارته ، وقيل : الاحتكار وقيل قول الرجل في المبايعة لا والله وبلى والله. وفيه إجمال حيث ما ظهر كون الباء فيهما بأيّ معنى؟ والاحتياج إلى ضمّ الظلم إلى الإلحاد ، فإنه على ما فهم من قوله يعني إلخ أنّ المقصود من قوله (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) فعل الذنب مطلقا فيكون مطلق الذنب فيه كبيرة وموعودا به العقاب ، والباء يحتمل أن تكون للملابسة أي حال كونه ملابسا بإلحاد ، وملابسا بظلم أيضا فإنّ العدول عن القصد يحتمل أن يكون بوجه معقول مشروع غير عدوان في بادي الرأي ، وبحسب أصل المعنى ، فقيّد بالظلم ، ونصّ به لزيادة قبحه وظهوره ليترتّب عليه (نُذِقْهُ) فتأمل.
وقال في مجمع البيان : الباء في بإلحاد زائدة تقديره : ومن يرد فيه إلحادا والباء في بظلم للتعدية ، ونقل أبياتا لكون الباء زائدة (٢) وهو محلّ التأمل إذ بعد صحّة كون الباء زائدة لم يظهر كونها للتعدية في بظلم ، بل جعلها للملابسة والحال كما قلناه أولى ، أي من يرد عدولا عن القصد حال كونه متلبّسا بالظلم ، ثمّ قال فيه : الإلحاد العدول عن القصد لغة واختلف في معناه ههنا ، فقيل : هو الشرك وعبادة غير الله تعالى عن قتادة ، فكأنّه قال : ومن يرد فيه ميلا عن الحقّ بأن يعبد غير
__________________
(١) البقرة : ١١٤.
(٢) راجع مجمع البيان ج ٧ ص ٧٩.