تأمّل إذ قد يكون المراد الفائدة يوما فيوما في مثل الصناعات الّتي هي محلّ الخمس فالقول بأنّها تدلّ على وجوب الخمس في كلّ فائدة ويخرج ما لا يجب فيه بالإجماع ويبقى الباقي ، فيكون الخمس واجبا في كلّ فائدة إلّا ما علم من الدليل عدمه فيه فتخصّص الآية به ، لا يخلو عن بعد ، وإن كان صحيحا على قوانين الاستدلال ، لعدم ظهور الآية ووجود الإجمال والعموم ، وإرادة الخاصّ في القرآن كثير كما عرفت ولعدم تفسير أحد إيّاها بها ، وعدم ظهور القائل ، والأصل الدالّ على العدم ، مع ظواهر بعض الآيات والأخبار ، وعدم مثل هذا التكليف الشاقّ وكأنّه لذلك ما ذهب إلى هذا الحمل والاستدلال أحد على الظاهر ، نعم قال في مجمع البيان بعد ما نقلنا عنه في الغنيمة موافقا لجمهور المفسّرين أنّ معناه في اللغة ذلك : قال أصحابنا : إنّ الخمس واجب في كلّ فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارات ، وفي الكنوز والمعادن والغوص ، وغير ذلك ممّا هو مذكور في الكتب ويمكن أن يستدلّ على ذلك بهذه الآية فانّ في عرف اللّغة يطلق على جميع ذلك اسم الغنم والغنيمة ، والظاهر أنّ مراده ما ذهب إليه أكثر الأصحاب من الأمور السبعة ، فإنّه نسبه إلى أصحابنا ، والظاهر منه الجميع أو الأكثر ، وليس وجوبه في كلّ فائدة قولا لأحد منهم على الظاهر ، وأيضا قال : مذكور في الكتب ، وليس ذلك مذكورا في الكتب فكأنّه أشار إلى إمكان الاستدلال لمذهب الأصحاب بالآية الشريفة ، إلزاما للعامّة فإنّهم يخصّونه بغنائم دار الحرب ، وذلك غير جيّد ، الله يعلم.
الثانية: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) (١).
وقد أشرنا إليه في الزكاة وكذا قوله تعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبى) الآية (٢).
الثالثة: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) (٣).
__________________
(١) البقرة : ٢٦٧.
(٢) أسرى : ٢٦ ، الروم : ٣٨.
(٣) الأنفال : ١.