وأيضا عطف الباقي على الوجه الّذي هو مدخول الفاء يفيد التعقيب في كلّ واحد فتأمّل فيه فإنّها تدلّ على فعل المجموع بعد القيام إلى الصلاة فكأنّه قال : إذا قمتم إلى الصلاة فتوضّؤا ولا تدلّ على الموالاة أيضا وفهمها بأنّه يفهم تعقيب الكلّ بلا فصل ، وذلك غير ممكن فيراعى ما أمكن بعيد ، فإنّ المراد مجرّد التعقيب لا بلا مهلة ، وعلى تقدير كونها مرادة فلا يفهم إلّا كون غسل الوجه بلا مهلة.
نعم : يفهم وجوب الموالاة وبطلان الوضوء بتركها ، مع جفاف جميع الأعضاء السابقة من الروايات الصّحيحة (١) بل الإجماع ويمكن فهم أنّ محلّ الوجوب في غسل اليدين إلى المرافق ، وإنّ سلّم أنّ ظاهرها كون الابتداء من الأصابع ، ولكن انعقد إجماع الأمّة على عدم وجوب ذلك فيكون إلى هنا لانتهاء غاية المغسول ومحمولة على معناها اللّغويّ لا الغسل بمعنى كونه منتهاه بعد الابتداء من الأصابع ، وأنّه يكفي مسمّى الغسل فيه أيضا كالوجه على أيّ وجه كان ولا يبعد وجوب غسل المرفق وإن كان غاية وخارجا من باب المقدّمة لأنّه مفصل وحدّ مشترك ، كما ثبت في الأصول فقول القاضي البيضاويّ : وجب غسلها احتياطا غير مناسب.
الثالث مسح الرأس مطلقا ، بما يصدق مقبلا ومدبرا قليلا أو كثيرا على أيّ وجه كان إلّا أنّ إجماع الأصحاب ، على ما نقل ، وفعلهم عليهمالسلام خصّصه بمقدّم الرأس ببقيّة البلل ، لا بالماء الجديد اختيارا ، وجوّزه بعض نادر ، ودليله ليس بناهض عليه ، فإنّه روايتان صحيحتان دالّتان على عدم جواز المسح بفضلة الوضوء والنّدى بل بالماء الجديد ، وحملتا ، على التقيّة لذلك مع ما فيه ، وعلى غير الاختيار والاحتياط لا يترك وقد منع بأكثر من ثلاث أصابع استحبابا ، ووجوبا كأنّه بالإجماع ، وذهب البعض إلى وجوب ثلاث أصابع ، ولا دليل عليه ، وعموم الآية والأخبار بل خصوصها ينفيه.
الرابع مسح الرّجلين بالمسمّى كالرأس وفي الرواية الصّحيحة أنّه بكلّ الكفّ ويفهم من الأخرى كلّ الظهر ، وإلى أصل الساق ومفصل القدم (٢) وهو
__________________
(١) الكافي ج ٣ ص ٣٥.
(٢) الوسائل أبواب الوضوء ، الباب ١٥.