قال في الكشّاف : وقيل هو المرض الّذي يعسر معه الصوم ويزيد فيه لقوله تعالى (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) وما ردّه ، ولعلّه رضي به ، ونقل عن الشافعيّ أنّه لا يفطر حتّى يجهده الجهد غير المحتمل ، وما استدلّ عليه ودليله غير واضح ، والآية والأخبار تدفعه كما عرفت وأيضا أكثر أهل الإسلام خصّص المرض بما مرّ كما خصّصوا السفر بسفر التقصير ، ولكن ما قيّد بحصول المشقّة بالصوم فيه إمّا دائما أو أكثريّا بحيث يضمحلّ عدمها لعدم ضبطها ولظهور الآية والأخبار الكثيرة في عدم القيد مع عدم الموجب من الإجماع والأخبار ، بل عدم الخلاف على عدمه كما يفهم.
وقوله (أَوْ عَلى سَفَرٍ) أي من كان منكم على سفر ، فيكون معطوفا على (مَرِيضاً) أي من كان منكم في هذه الأيّام راكب سفر وفي البيضاويّ : فيه إيماء بأنّ من سافر في أثناء اليوم لم يفطر كأنّه أخذه من لفظة «على» و «الأيّام» وليس بواضح إذ ظاهره كونه في هذه الأيّام على السفر ، وذلك يتحقّق بوجود أكثره في السفر ، كما هو المتعارف بإجراء حكم الشيء على أكثره ، وتدلّ عليه أخبار صريحة صحيحة وهو المذهب المنصور من المذاهب في هذه المسئلة كما هو المحقّق في محلّه فعليه عدّة أيّام المرض والسفر بعده بمعنى معدودة ، وقرئ بالنصب أي فيلصم عدّة كذا في الكشّاف وتفسير القاضي ولا شكّ أنّ «عليه» و «فليصم» مفيدان للوجوب كما هو المقرّر في الأصول ، فقولهما وجزمهما أنّه على سبيل الرخصة لا على سبيل الوجوب ـ وقيل على الوجوب وزاد القاضي : وذهب إليه الظاهريّة وبه قال أبو هريرة ـ لا يناسب (١) فإنّه خروج عن ظاهر الآية بل عمّا قال في بيان التركيب.
وقال في مجمع البيان (٢) وقد ذهب إلى وجوب الإفطار في السفر جماعة من الصحابة كعمر بن الخطّاب وعبد الله بن العبّاس وعبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن
__________________
(١) خبر قوله : فقولهما وجزمهما إلخ.
(٢) راجع ج ٢ ص ٢٧٣.