أنّ مجرّد ذلك كاف للطلب وأنّه بذلك أهل لها فتأمّل.
(رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) بمنزلة التعليل للطلب المتقدّم كأنّهم قالوا إن لم تغفر لنا فتدخلنا النار ، فهو الخزي العظيم الّذي لا خزي فوقه فهو تأكيد للطلب ، وإلحاح فيه ، وإظهار الاحتياج إليه تعالى سواء قلنا المراد هو دوام الخلود أم لا؟ ويؤيّده الأخبار ، فإنّ الاستعاذة من عذاب النار فيها أكثر من أن تحصى ، بل في بعضها ما يدلّ على أن لا عذاب إلّا عذاب النار (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) أراد بهم مدخلين النار ، وضع المظهر موضع المضمر ، للإشارة إلى أنّ سبب الدخول هو الظلم على أنفسهم لا غير ، وأنّهم يستحقّون ذلك ، فالعفو والمغفرة إحسان ولطف وتفضّل غير لازم ، فيدلّ على أنّه بغير التوبة يجوز ويحتمل كما مرّ ، وهو لتأكيد الطلب حيث لا ناصر لهم ، وكأنّ المراد بالناصر : الّذي يخلص الداخل منه بنصرة وغلبة على من أراد إدخالهم ، فإنه الظاهر من الناصر فلا ينافي وجود الشفيع فافهم ، ويحتمل أن يراد بالظالمين الكفّار ، فلا يحتاج إلى التأويل.
(رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ) أي آمنوا أو بأن آمنوا (١) (فَآمَنَّا) قيل المنادي هو النبيّ صلىاللهعليهوآله وقيل القرآن ، والأوّل أظهر ، و
__________________
(١) قيل عليه : فيه إشكال فإن الأخيرة إشارة إلى أن كون أن مصدريّة ، وذلك غير جيد فإنه يصير التقدير ينادي للايمان بالايمان فأجيب بأنها مخففة من المثقلة ، واعترض عليه بأنه لا يدفع الاشكال عن صاحب الكشاف مع أنه لا بد للمخففة من أحد حروف أربعة حرف النفي وحرف التحقيق ، وحرف الاستقبال إلا أن يدخل على الجملة الاسمية أو على فعل غير متصرف لأن أن المصدرية لا تدخل هاهنا ثم قال المعترض ويمكن دفع الاشكال عن القرآن بجعلها زائدة كما جوزه بعضهم وأيضا لا استحالة في كون التقدير ينادى للايمان بالايمان بربكم ، لأن الأول مطلق والثاني مقيد ، فلا تكرار ، وأيضا النداء للايمان أعم من أن يكون بلفظ الايمان أو بلفظ آخر متناول له ، ومستلزم له ، فقال بالايمان ليفيد أن النداء إلى الايمان إنما كان بلفظه.
أقول : في دفع الاشكال على تقدير أن المصدرية لا يلزم أن يكون المأول بالمصدر مصدرا صريحا وقد صرح به السيد الشريف في بعض تحقيقاته وأيضا [لا قصور في ذلك التقدير فإنه] لا قصور إذا قيل ينادى للايمان بالايمان بالرب أى ينادى له يقول يكون مضمونه طلب الايمان