أيعيد أم لا؟ قال : إن كان قد قرئت عليه آية التقصير وفسّرت له وصلّى أربعا أعاد وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه ، والصّلوات كلّها في السّفر الفريضة ركعتان كلّ صلاة إلّا المغرب فإنّها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله صلىاللهعليهوآله في السفر والحضر ثلاث ركعات ، وقد سافر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم من المدينة يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلا فقصّر وأفطر فصارت سنّة وقد سمّى رسول الله صلىاللهعليهوآله قوما صاموا حين أفطر : العصاة. قال فهم العصاة إلى يوم القيامة ، وإنّا لنعرف أبناءهم إلى يومنا. هذا وفيها فوائد وأحكام كثيرة (١) لذلك نقلت فافهمها.
ثمّ إنّ ظاهر الآية يدلّ على القصر بمجرّد صدق السفر ، ولكن ثبت بالإجماع أنّ ذلك لم يكف فعند الشافعي مسيرة يومين ستّة عشر فرسخا وعند أبي حنيفة مسيرة ثلاثة أيام بلياليهنّ مسير الإبل ومشي الأقدام على القصد ، ولا اعتبار بإبطاء الضارب المسافر وإسراعه قال في الكشاف : كأنّه أربعة وعشرون فرسخا ولكن لا يناسب إدخال الليل إذ يمكن قطع ثمانية فراسخ في يوم واحد معتدل يوم صوم ، ولهذا ما اعتبره القاضي بل قال أربعة برد للشافعي وستّة لأبي حنيفة ، والبرد جمع بريد وهو أربعة فراسخ ، وعند أصحابنا بريدان وهو ثمانية فراسخ يوجب القصر ودلّت عليه الروايات الكثيرة الصحيحة عن أهل البيت عليهم الصلاة والسلام وهو أولى ، لأنّ ظاهر الآية أنّه يكفي مطلق السفر وما يصدق عليه ولا شكّ أنّه ممّا
__________________
(١) وهي كون القصر عزيمة وواجبا كالتمام ، وكون الأمر للوجوب ، وكون نفى الجناح لا ينافي الوجوب العيني ، وكون التأسي واجبا ، وكون السعى واجبا ، ووجوب إعادة الصلاة الباطلة بالزيادة مع العلم بعدمها أداء وقضاء ، وكون الجاهل معذورا في الإتمام ، ووجوب التقصير في جميع الصلوات بحذف الركعتين الأخيرتين إلا المغرب ، وكونها ثلاثة فيه وفي الحضر وكون مسيرة يوم أربعة وعشرين ميلا ، وهي ثماني فراسخ ، فكل ميل ثلث فرسخ ، وكون ذلك موجبا للتقصير ، ووجوب الإفطار ، وتسمية الواجب بالسنة ، وكون ترك ذلك عصيانا ، وكونهم عليهمالسلام عالمين بالغيب وهو بإعلام الله ورسوله صلىاللهعليهوآله إياهم ، منه رحمهالله.