غُرُوراً ) (١) ، والعطف في الآية دال على أنّ الذين في قلوبهم مرض غير المنافقين.
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا ... ) (٢).
ومن المعلوم أنّ الفاسق المقصود كان من الصحابة (٣).
أمَّا قولك كيف ضحّوا بأنفسهم ، فإن مثل هذا السؤال لا تتوقَّف الإجابة عليه على كونهم مؤمنين ، والتأريخ والواقع خير شاهد على ما قلت ، فكم من حروب دارت ، وكم من جماعات ضحّوا ، فهل نحكم على الجميع بالإيمان ، فهناك المكره ، وهناك من فرض عليه الواقع أمراً محكوماً ، والحروب التي كانت قبل الإسلام خير دليل ، ومع ذلك أنا أرمي ( بعض ) الذين حاربوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنهم كانوا مجبرين ، مع أنه كان هناك المجبور والمنافق كشهيد الحمار ، إنَّما أقول حتى المؤمن حقّاً لا تعني حربه مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عاصمة له من الانحراف بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّ مجموعة كبيرة من الصحابة كانت تحارب مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهم يستلهمون الطاقة والحماس منه.
وبمعنى آخر كانوا يعملون بالطاقة التي كانوا يكسبونها من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأضرب لك مثالا على ذلك : عندما يستمع الإنسان لخطيب بارع يتحدَّث عن الجهاد والتضحية فسوف تنتاب المستمعين حالة روحيّة عالية ، بحيث لوطلب من كل واحدمنهم أن يضحّي بنفسه فإنّه لايمانع ، ولكن مجرَّد أن
__________________
١ ـ سورة الأحزاب ، الآية : ١٢.
٢ ـ سورة الحجرات ، الآية : ٦.
٣ ـ وهو الوليد بن عقبة ، راجع : أسباب النزول ، الواحدي : ٢٦١ ـ ٢٦٢ ، تفسير ابن كثير : ٤/٢٢٤ ، تفسير الدرّ المنثور ، السيوطي : ٦/٨٨ ـ ٨٩.