ذلك الإحاطة بسبعة عشر علما؟! ويكفي أن أدرس حياة كل منهما وما فعلاه حتى أتبيّن الحقيقة.
قال : وما يهمّك أن تعرف ذلك : ( تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (١).
قلت : أتقرأ « ولا تسألون » بفتح التّاء أم بضمّها؟
قال : تُسألون ، بالضمّ.
قلت : الحمد للّه ، لو كانت بالفتح لامتنع البحث ، وما دامت بالضم فمعناها أنّ اللّه سبحانه سوف لن يحاسبنا عمّا فعلوا ، وذلك كقوله تعالى : ( كُلُّ نَفْس بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) (٢) ، و ( وَأَن لَّيْسَ لِلاِْنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ) (٣).
وقد حثّنا القرآن الكريم على استطلاع أخبار الأمم السابقة ولنستخلص منها العبرة ، وقد حكى اللّه لنا عن فرعون وهامان ونمرود وقارون وعن الأنبياء السابقين وشعوبهم ، لا للتسلية ولكن ليعرفنا الحق من الباطل.
أمّا قولك : « وما يهمني من هذا البحث »؟
فأجيب عليه بقولي : يهمني :
أولاً : لكي أعرف ولىَّ اللّه فأواليه ، وأعرف عدوَّ اللّه فأعاديه ، وهذا ما طلبه مني القرآن ، بل أوجبه علىَّ.
ثانيا : يهمّني أن أعرف كيف أعبد اللّه وأتقرّب إليه بالفرائض التي افترضها وكما يريدها هو جلّ وعلا ، لا كما يريدها مالك أو أبو حنيفة أو غيرهم من
__________________
١ ـ سورة البقرة ، الآية : ١٣٤.
٢ ـ سورة المدثر ، الآية : ٣٨.
٣ ـ سورة النجم ، الآية : ٣٩.