الموجودات فيه على الإطلاق. ومن هنا صحّ لها أن تدعو وتقول : اللهمّ تقبّل منّا هذا القربان.
المستوى الثالث : الموافقة مع الحسين عليهالسلام نفسيّاً وقلبيّاً وعاطفيّاً ، وبالتالي الموافقة الحقيقيّة على عَمل الحسين عليهالسلام وتضحيته ، وعلى هدف الحسين عليهالسلام ورسالته ، حتّى أنّ الفرد المُحبّ له يحسّ كأنّه أعطى قطعة من قلبه أو كبده ، وأنّها قُتلت فعلاً بمقتل الحسين عليهالسلام.
وأنّهُ ـ أعني المُحبّ ـ وإن كان حيّاً يُرزق في هذه الدنيا وفي كلّ جيل ، إلاّ أنّ التضحية تضحيّته والعمل عمله. ويكفينا من ذلك ما وردَ : «إنّما الأعمال بالنيّات ولكلّ امرئ ما نوى» (١) ، «إنّ نيّة المؤمن خيرٌ من عَمله» (٢) ، وما ورد : «إنّ الراضي بفعل قوم كفاعله» (٣) ، وما وردَ :
«إنّ الفرد يُحشر مع مَن يُحبّ» (٤) ، إلى غير ذلك من المضامين التي تجعل التضحية التي قام بها الحسين عليهالسلام ، منتشرة فعلاً لدى كلّ محبّيه والمتعاطفين معه على مدى الأجيال ، وإنّ كلّ واحدٍ منهم يستطيع أن يقول :
اللهمّ تَقبّل منّا هذا القربان ، وليس العقيلة زينب فقط.
وقد يخطر في البال في حدود هذه التضحيات المشار إليها : أنّ الأجيال كلّها يجب أن تكون مثل الحسين عليهالسلام في تضحيّته الجسيمة وفعلته
__________________
(١) إسعاف الراغبين للشيخ محمد صبّان على هامش نور الأبصار للشبلنجي : ص ٧٦ ، مُنية المريد للشهيد الثاني : ص ٤٢ ، جامع السعادات : ج ٣ ، ص ١١٢.
(٢) مصباحُ الشريعة : ص ٥ ، مُنية المريد للشهيد الثاني : ص ٤٣ ، جامع السعادات : ج ٣ ، ص ١١٨.
(٣) عيون أخبار الرضا للصدوق : ج ١ ، ص ٢٧٣ ، نهج البلاغة : خطبة ١٠٤ ، وفيها يقول أمير المؤمنين عليهالسلام : «الراضي بفعل قومٍ كالداخل فيه معهم وعلى كلّ داخلٍ في باطل إثمان : إثمُ العمل به ، وإثم الرضا به».
(٤) الكافي : ج ٨ ، ص ٨٠ ، حديث ٣٥ بتصرّف ، أمالي الطوسي : المجلّد الثاني ، ص ٢٤٥ مجلس يوم الجمعة ٢ رجب.