عقيل وأصحابهما ، بهذا الرجل المُعيّن ضدّهم ، ولئن كان مسلم بن عوسجة رجلاً اعتيادياً ، مهما كان عالي الإيمان ، فإنّ مسلم بن عقيل (سلام الله عليه) ، قد أثبتنا له أنّه مؤيّد ومُسدّد بالإلهام ، فكيف لم يلتفت إلى ذلك؟!
وجواب ذلك يكون على عدّة مستويات :
المستوى الأوّل : إنّ هذا موجود في قضاء الله وقدره ، وكلّما كان ذلك ، فلابدّ من حدوثه ، ومطابق للحكمة الإلهيّة ، سواء عَلمنا بسببه أو جهلنا.
المستوى الثاني : مستوى مَن نعلم أو نحتمل عدم تسديده وتأييده بالإلهام المباشر ـ لو صحّ التعبير ـ وهم أصحاب مسلم بن عقيل سواه ، فمن الواضح أنّ العادة في تلك الأجيال ، وهي عادة استمرّت مئات وآلاف السنين ، حتّى لم تكن كتابة وأوراق تدلّ على الشخصيّة ، كما في الدول الحاليّة ، فكان الناس يسألون الفرد عن اسمه وانتسابه ، ويُصدّقون منه ذلك على السجيّة والعادة المتّبعة ، وواضحٌ أنّه لو كذَبَ أيّ شخص في اسمه أو نَسبه ، فسوف يقع في أنواع من المصاعب اجتماعياً واقتصادياً ، أو يُحتمل وقوعه في ذلك على بعض التقادير ، فكان الناس يُصَدَّقون في أقوالهم تلك ، وكانوا يُصدِّقون أقوال الآخرين في ذلك ، وليس أصحاب مسلم بن عقيل سلام الله عليه وعليهم إلاّ جماعة من ذلك المجتمع المعتاد على ذلك.
فإذا انضمّ إلى ذلك حُسن الظاهر والملاينة والمُسايسة ، فقط أصبحَ الفرد ناجحاً في الامتحان أو الاختبار الاجتماعي ، وانتهى الأمر.
المستوى الثالث : مستوى النظر إلى المواثيق المغلّظة التي أخذها مسلم بن عقيل وأصحابه على (معقل) ، وقد أعطاهم من نفسه ما يريدون ، ولم يكونوا يتصوّرون أنّ شخصاً ما من المسلمين يمكن أن يحيف بالعهد ، أو يحيف باليمين ، وإنّما قيام العلاقات بين الأفراد والمجتمعات كانت ولا زالت على