الكريمة. فتضحّي بالنفس والنفيس في سبيل الأهداف التي قُتل لأجلها الحسين عليهالسلام.
وجوابُ ذلك : إنّ الأمر ليس كذلك باستمرار ، وإنّما قد يحصل ذلك أحياناً قليلة ، ولا يحصل ذلك أحياناً كثيرة ، وكلّ فردٍ يجب أن يَحسب حساب تكليفه الشرعي أمام الله عزّ وجل ، ونشير فيما يلي أنّ التكليف الشرعي كثيراً ما لا يقتضي ذلك ، على عدّة مستويات :
المستوى الأوّل : إنّ التضحية التي أرادها الحسين عليهالسلام واستهدفَ حصولها ـ وقد حَصلت فعلاً ـ هي من الأهميّة والعظمة بحيث لا تكون مقدورة لأحد إطلاقاً ، وإنْ زَعم الزاعم لنفسه أنّه يتحمّلها ، إلاّ أنّه يَخدع نفسه لا محالة ، يكفي في ذلك أنّه (سلام الله عليه) معصوم ، وأعمال المعصومين بلا شكّ فوق طاقة الأفراد الاعتياديين مهما تصاعدوا في درجات الإيمان والإخلاص.
ومن هذا القبيل : ما قالهُ أمير المؤمنين عليهالسلام عن زهده : «ألا وإنّكم لا تقدرونَ على ذلك ولكن أعينوني ـ يعني على أنفسكم الأمّارة بالسوء ـ بورعٍ واجتهاد» إلى آخر ما قالهُ (١).
المستوى الثاني : إنّه لو كانت تضحيات الحسين عليهالسلام واجبة على الأجيال بعده ، لكانَ أولى مَن يقوم بها أولاده المعصومون عليهمالسلام ، مع العلم أنّه لم يفعل ذلك ولا واحد منهم. إذاً ، فلماذا يجب أن يكون تكليفنا في الأجيال المتأخّرة مثل تكليفه ولا يكون مثل تكليف وعمل أولاده ، مع أنّهم جميعاً معصومون ، يكفي أنّنا يمكن أن نأخذ بعمل العدد الأكثر من المعصومين وهو الهدوء وليس الثورة ، فإنّ أولادهُ المعصومين تسعة وهو واحد.
المستوى الثالث : إنّ الأصوب والأحجى لكلّ جيل : هو أن يَنظر إلى
__________________
(١) نهج البلاغة : شرح ابن أبي الحديد ، كتاب ٤٥ ، ج ١٦ ، ص ٢٠٥.