الأَمْرِ) ؛ لكي ينال النبي صلىاللهعليهوآله مصالح عامَّة عديدة ، يُمكن أنْ نفهم منها ما يلي :
أوَّلاً : أنْ يهديهم بسلوك الرحمة والشفقة معهم.
ثانياً : أنْ يكفي شرَّ ذي الشرِّ منهم.
ثالثاً : أنَّ مُشاورتهم نحو مِن الاختبار والامتحان لهم ؛ ليرى النبي صلىاللهعليهوآله عمليَّاً أنَّهم ناصحون له في الآراء التي سيُبدونها والاقتراحات التي يقولونها أم لا.
رابعاً : أنَّ مُشاورتهم نحو مِن التدريب لهم على هذا الأُسلوب ، حين يكونون هُمْ مُحتاجون إلى مُشاورة غيرهم ، فلا ينبغي أنْ يتكبَّروا عن ذلك بعد أنْ كان نبيهم صلىاللهعليهوآله يتَّخذ هذا الأُسلوب بنفسه.
وهُمْ لا شكَّ أنَّهم مُحتاجون إلى المُشاورة في تاريخ حياتهم الطويل ؛ لأنَّهم ليسوا معصومين ، وقد يُصبحون موجودين في زمان ومكان خالٍ مِن معصوم ، يُمكنهم الاهتداء برأيه والاستعانة بتسديده ، كما كانوا يعتمدون على النبي صلىاللهعليهوآله.
الوجه الثالث : إنَّ هذا الأمر في هذه الآية الكريمة ، يُمكن أنْ يكون وارداً بعنوان : إيَّاك أعني فاسمعي يا جاره (١) ، يعني أنْ يكون المُخاطب بها النبي صلىاللهعليهوآله والمُراد غيره ، وعندنا عدد مِن الموارد القرآنيَّة ، على هذا النحو كقوله تعالى : (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ
__________________
(١) يُضرب هذا المثل لمَن يتكلَّم بكم ويُريد به شئياً غيره. وأوَّل مَن قال ذلك سهل بن مالك الفزاري ؛ ذلك أنَّه مَرَّ ببعض أحياء طيٍّ ، فسأل عن سيِّد الحيِّ ، فقيل له : حارث بن سلام. فأمَّ رحله فلم يُصبه شاهداً ، فقالت له : أُخته انزل في الرحب والسعة ، فوقع في نفسه منها شيء ، فجلس بفِناء الخباء يوماً وهي تسمع كلامه ، فجعل ينشد ويقول :
يا أخت خير البدو والحضارة |
|
كيف ترين في فتى فزارة |
أصبح يهوى حرةً معطارة |
|
إياك أعني فاسمعي يا جارة |
مجمع الأمثال ج ١ ص ٨٣ ـ بتصرُّف ـ الفاخر لأبي طالب المُفضَّل ص ١٥٨ ـ بتصرَّف ـ.