يا ليتَنا كنّا مَعكم
هناك عبارة يُكرِّرها خطباء المنبر الحسيني حتّى أصبحت متعارفة وتقليديّة وهي قولهم : يا ليتنا كنّا معكم فنفوزَ فوزاً عظيماً (١).
والخطاب ـ بصيغة الحال ـ للحسين عليهالسلام وأصحابه ، وأودُ الآن بمناسبة حديثي عن هؤلاء العظماء أن أتعرّض إلى معنى هذه العبارة ؛ فإنّ في ذلك : عبرة أوّلاً ، وموعظة ثانياً ، وتربية للخطباء ثالثاً ، لعلّهم يأخذون ما سوف أقول بنظر الاعتبار.
واللفظ الذي هو الأهمّ والأشدّ تركيزاً في هذه الجملة هو (معكم) ؛ فإنّ المعيّة قد تكون : مكانيّة ، وقد تكون زمانيّة ، وقد تكون معنويّة ؛ فإنّ المتكلّم بهذه الجملة مرّة يتمنّى أن يكون مع شهداء كربلاء في الزمان والمكان المعينيّن اللذين كانوا فيهما ، وأخرى يتمنّى أن يكون معهم معنويّاً.
والأداةُ (ليت) للتمنّي ، والمشهور في علوم العربيّة أنّ التمنّي لا يكون إلاّ للمستحيل ، ويوردون كشاهدٍ على ذلك قول الشاعر :
ألا ليتَ الشبابَ يعود يوماً |
|
فأُخبرهُ بما فعلَ المشيب (٢) |
وسناقش ذلك بعد قليل ونعود إلى الحديث عن (المعيّة).
أمّا تمنّي الفرد للكون معهم في نفس الزمان والمكان الذي كانوا فيه ، فيُراد
__________________
(١) البحار للمجلسي : ج ٤٤ ، ص ٢٨٦ ، أمالي الصدوق : ص ١١٢.
وهي من رواية للإمام الرضا عليهالسلام يقول فيها لابن شبيب : «إنْ سرّكَ أن يكون لك من الثواب مثل ما لمَن استُشهد مع الحسين عليهالسلام ، فقل متى ذكرته : يا ليتني كنتُ معهم فأفوزَ فوزاً عظيماً».
(٢) ديوان أبو العتاهية : ص ٣٢.