وهذا الإعلام كان ضروريّاً للمجتمع تماماً ، وإلاّ لذَهبت حركة الحسين عليهالسلام في طيّ النسيان والكتمان ، ولمَا أثّرت أثرها البليغ في مستقبل الدهر ، فكان من الضروري في الحكمة الإلهيّة وجود النساء معهُ لكي يُعبّرنَ عن الحسين ويُدافعنَ عنه بعد مقتله ، ومن هنا «شاء الله أن يراهنّ سبايا» ؛ لأنّ هذا السبي دليل عملي قاطع على فضاضة أعدائهم وما يتّصفون به من القسوة واللؤم وعدم العناية بالدين ، وهذا وحدهُ يكفي للإعلام إلى مصلحة الحسين عليهالسلام فضلاً عن غيره.
وهذا التعريف المتأخِّر عن ثورة الحسين عليهالسلام ليس لأجل مصلحة الحسين نفسه ، ولا لمصلحة أصحابه المستشهدين معه ؛ لأنّهم نالوا بالشهادة ما رزقهم الله جلّ جلاله من المقامات العالية في الدار الآخرة ، وإنّما هذا الإعلام أرادهُ الله سبحانه لأجل الناس وهداية المجتمع ، فما يقال : من أنّه إكمال لثورة الحسين عليهالسلام يراد به الجانب الظاهري في الدنيا ، لا الجانب الباطني في الآخرة.
وهذا التعريف كما يصلح أن يكون تبكيتاً (*) وفضحاً لأعداء الحسين عليهالسلام في كلّ جيل ، ورَدعاً عن التفكير في مثل هذه الجريمة النكراء لكلّ حاكمٍ ظالم على مدى التاريخ.
كذلك يصلح لهداية الناس نحو الحسين ، وبالتالي نحو دين الله عزّ وجل ، ونحو أهداف الحسين الإلهيّة ، وبالتالي نحو طاعة الله عزّ وجل والتربية الصالحة في إطاعة الدين وعصيان الشهوات والتمرّد على كلّ ظلمٍ وفساد ، سواء كان في المجتمع أو في النفس الأمّارة بالسوء.
فهذا هو الجواب على السؤال الرئيسي الرابع : هل اهتمّ الحسين عليهالسلام بعياله؟
__________________
(*) تبكيتاً : مثل بكّته : قَرّعهُ وعنّفهُ (أقرب الموارد : م ١ ، ص ٥٥ مادّة بكت).