الوجه الرابع : للجواب على هذه الرواية :
إنّه لم يقل في الرواية : ناشرات الشعور أمام الرجال الأجانب ، أم أمام الأعداء ونحو ذلك ، بل من الواضح أنّهن ناشرات الشعور فقط ، وهذا من الممكن بل المتعيّن أن يكون ضمن التعاليم الدينيّة أو الحجاب الإسلامي ، فإذا ضَممنا إلى ذلك هذه الفكرة ، وهي : إنّ النساء في الشرق كنّ ولازلنَ ، قد ورثنَ الأمر عن الأجيال السابقة ورأيناه عَياناًَ ، وهو اعتياد النساء في حالة الحزن والمصيبة على الالتزام بنشر شعورهنّ وإرسالها وذلك لأمرين :
أحدهما : أنّ ذلك بنفسه علامة الحزن والحِداد.
وثانيهما : أنّ ذلك ناشئ من إعراضها عن الزينة حزناً ، أو من ضيق نفسها عن التمشّط أساساً ، إمّا حقيقةً ، أو أنّ المرأة تريد أن تُظهر ذلك أمام الآخرين ، أو أن تكون في هذا الحال كغيرها من النساء ؛ فإنّ التزام النساء بعادات بعضهنّ البعض ممّا هو واضحٌ ومُسلّم.
فإذا ضَممنا هذه الفكرة إلى ما سبقَ أمكننا أن نقول : إنّ نساء الحسين عليهالسلام ناشرات الشعور ، حِداداً على هذا المصاب الجَلل ، وحزناً وإظهاراً لزيادة المصاب ، وليس في الأمر ولا في الرواية بالمرّة أنّهنّ كنّ ناشرات الشعور أمام الرجال الأجانب ، بل كنّ كذلك في مجتمعهنّ الخاصّ ، أعني النساء أمام بعضهنّ البعض.
فإن قال قائل : إنّ هذا الوجه مُحتمل وليس أكيداً ، قلنا : إنّه بعد التنزّل عن كلّ ما سبق ممّا يقتضي كونه أكيداً ، فإنّ مجرّد الاحتمال هنا يكفينا ، كأطروحة موهِنة للاستدلال بهذه الرواية ضدّ نساء الحسين عليهالسلام ، أو قيامهنّ بالمحرّمات ، وإذا دَخلَ الاحتمال بطلَ الاستدلال.
المثال الثاني : لِمَا رويَ من قضايا الحسين عليهالسلام ، ممّا يكون ظاهره العمل