والمعاني العاطفيّة والخياليّة وغير ذلك كثير ، وهذا ما يدلّ على جواز أن ننسب إلى موضوع القصيدة ـ بما فيها حوادث كربلاء ـ ما نشاء من خلال القصيدة نفسها ، سواء كان وارداً في رواية معتبرة أو غير معتبرة ، أو غير وارد على الإطلاق.
إلاّ أنّ هذا الوجه قابل للمناقشة في عدّة أمور :
أوّلاً : إنّه لو تمّ لاختصّ بالشِعر ولا يمكن أن يشمل النثر ؛ لأن النثر خالٍ عرفاً وعادة عن الخيالات المستعملة في الشِعر ، وهذا الوجه لو تمّ فإنّما يجيز تلك الخيالات دون غيرها.
ثانياً : إنّ الخيالات والمبالغات ليست من نوع الكذب عرفاً وعقلائيّاً ، إذاً فالتعميم من جواز ذلك إلى جواز الكذب والدسّ في الشعر غير صحيح تماماً.
ثالثاً : إنّ السيرة كما ثبتَ في علم الأصول دليلٌ لا إطلاق له ولا لسان له ، يؤخذ منه بالقدر المتيقّن ، والقدر المتيقّن هنا : هو الشِعر الخالي من الكذب والدسّ فيكون جائزاً ، ولا يمكن التعميم بدليل السيرة إلى غيره.
وقد يخطر في البال : أنّ السيرة الموروثة عندنا هي على وجود الكذب في الشِعر بهذا الصدد ، وهي سيرة مُمضاة من قِبل الأئمّة المعصومين عليهمالسلام.
فمن ذلك قول دعبل الخزاعي (عليه الرحمة) أمام الإمام الرضا عليهالسلام :
أفاطمُ لو خِلتِ الحسين مُجدّلاً |
|
وقد ماتَ عطشاناً بشطّ فُراتِ |
إذن للَطمتِ الخدّ فاطم عندهُ |
|
وأجرَيتِ دمعَ العين في الوَجناتِ (١) |
فقد أثبتَ اللطمَ والبكاء لفاطمة الزهراء عليهاالسلام ، مع أنّهُ غير متحقّق جَزماً ؛ لأنّ الزهراء عليهاالسلام لم تكن موجودة في الدنيا لدى مقتل
__________________
(١) للشاعر دعبل الخزاعي ، أدب الطف : ج ١ ، ص ٢٩٧.