والرواية ضعيفة السند ، مرسلة ، ومعارضة بقوله عليهالسلام في حديثٍ آخر وقد سُئل عن مجتمع الماء في الحمّام من غسالة الناس يصيب الثوب ، قال : «لا بأس» (١).
وهذه الرواية وإن كانت مرسلةً أيضاً إلا أنّها لا تقصر عن مقاومة الرواية الأُخرى ، وتبقى معنا أصالة طهارة الماء.
واختار المصنّف في المنتهي (٢) طهارتها ؛ للخبر (٣) ، والأصل ، وهو الظاهر إن لم يثبت الإجماع على خلافه.
(وتكره الطهارة ب) الماء (المسخّن في الشمس في الأواني) لما ورد من نهي النبي صلىاللهعليهوآله عنه ، معلّلاً بأنّه يورث البرص (٤).
وحُمل النهي على الكراهة ، جمعاً بينه وبين قول الصادق عليهالسلام لا بأس بأن يتوضّأ بالماء الذي يوضع في الشمس (٥). ويمكن الجمع بين خبري الغسالة بذلك ؛ ولأنّ العلّة راجعة إلى المصلحة الدنيويّة ، فالنهي من قبيل الإرشاد على حدّ قوله تعالى (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) (٦).
وإنّما لم يكن محرّماً مع الاتّفاق على وجوب دفع الضرر ؛ لأنّه ليس بمعلوم الوقوع ولا مظنونه ، وإنّما هو ممكن نظراً إلى صلاحيته له.
وكما تكره الطهارة به يكره استعماله في غيرها من إزالة نجاسةٍ وأكلٍ وشربٍ على الظاهر ؛ لاقتضاء التعليل ذلك. ولا يشترط القصد إلى التسخين ، فيعمّ الحكم المتسخّن بنفسه ، فلو قال : «المتسخّن» كان أولى.
وكذا لا يشترط بقاء السخونة ، استصحاباً لما ثبت ، ولصدق الاسم مع زوالها ؛ إذ المشتقّ لا يشترط في صدقه بقاء أصله. وربما قيل باشتراطهما.
ولا فرق بين الأواني المنطبعة كالنحاس والحديد وغيرها ، ولا بين البلاد الحارّة وغيرها وإن كان المحذور يقوّي تولّده في الأوّلين ، لتأثير الشمس فيهما زهومة يتولّد منها المحذور ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٥ / ٤ ، الفقيه ١ : ١٠ / ١٧ ، التذهيب ١ : ٣٧٩ / ١١٧٦.
(٢) منتهى المطلب ١ : ١٤٦ ـ ١٤٧.
(٣) المصادر في الهامش (١).
(٤) الكافي ٣ : ١٥ / ٥ ، علل الشرائع ١ : ٣٢٧ / ٢ ، الباب ١٩٤ ، التهذيب ١ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠ / ١٧٧.
(٥) التهذيب ١ : ٣٦٦ / ٣٦٧ / ١١١٤ ، الإستبصار ١ : ٣٠ / ٧٨.
(٦) البقرة (٢) : ٢٨٢.