(المقصد الثالث : في الاستحاضة والنفاس)
إمّا الاستحاضة : فهي في الأصل استفعال من الحيض ، يقال : استحيضت المرأة ، بالبناء للمجهول ، فهي تستحاض لا تستحيض : إذا استمرّ بها الدم بعد أيّامها فهي مستحاضة ، ذكره الجوهري. (١)
وكأنّ بناءه للمعلوم غير مسموع ، واشتقاقها من الحيض مبنيّ على الغالب ، فلا يشترط فيها إمكان الحيض ، فالصغيرة واليائسة يمكن فيهما الاستحاضة دون الحيض.
والأكثر إطلاق الاستحاضة على كلّ دم يخرج من الرحم وليس بحيض ولا نفاس ولا قرح ولا جرح ، سواء اتّصل بالحيض ، كالمتجاوز لأكثره ، أم لا ، كالذي تراه الصغيرة ، فإنّه وإن لم يوجب الأحكام في الحال لكن عند البلوغ يجب عليها الغسل أو الوضوء ؛ لأنّ الأحداث من قبيل الأسباب التي هي من باب خطاب الوضع ولا يشترط فيها التكليف ، وقد يتخلّف المسبّب عن السبب لفقد شرطٍ ، وقد يتعلّق به في الحال أحكام الاستحاضة ، كنزح الجميع (٢) به وغسل الثوب من قليله وكثيره.
وربما خصّ اسم الاستحاضة بالدم المتّصل بدم الحيض ، ويسمّى ما عدا ذلك دم فساد ، لكنّ الأحكام فيهما لا تختلف.
والمصنّف جرى هنا على المشهور ، فقال (دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق يخرج) من الرحم (بفتورٍ) وضعفٍ لا بدفعٍ ، فهو يقابل الحيض في أوصافه غالباً.
__________________
(١) الصحاح ٣ : ١٠٧٣ ؛ «ح ى ض».
(٢) أي : نزح جميع ماء البئر.