(النظر الأوّل : في أقسامها)
(وهي) أي الطهارة منقسمة انقسام الكلّي إلى جزئيّاته لا الكلّ إلى أجزائه إلى ثلاثة أنواع (وضوء وغسل وتيمّم) ولمّا كان هذا الكلّي لا وجود له في الخارج إلا في ضمن جزئيّاته صدق على كلّ جزئيّ من الثلاثة أنّه طهارة.
وينساق إلى هذا ونظائره شكّ لطيف ، وهو أنّ الانقسام لازم لمطلق الطهارة ، وهو لازم لكلّ واحد من أقسامها ، فيلزم أن يكون الانقسام لازماً لكلّ واحد من أقسامها ، ويلزم منه انقسام الشيء إلى نفسه ومباينه أو مساواة الجزئي لكلّيّة ، وكلاهما فرض محال.
وجوابه : أنّ المنقسم إلى الثلاثة هو الطهارة المطلقة ، أي مقيّدة بقيد العموم ، لا مطلق الطهارة ، وفرق بين الصيغتين ؛ فإنّ الطهارة من حيث إنّها عامّ موصوفة بالانقسام ، كما أنّ الحيوان من حيث إنّه عامّ موصوف بالجنسيّة ، وهي قسم من المطلق ، وما هو ملزوم للانقسام هو مطلق الطهارة ، بل الطهارة المطلقة. وفيه بحث.
أو نقول : الانقسام المذكور لازم للطهارة بحسب وجودها الذهني ، وهي لازمة لأقسامها من حيث حصولها العينيّ لأمن تلك الحيثيّة ، ولازم الشيء باعتبارٍ لا يلزم أن يكون لازماً لملزومه باعتبارٍ آخر ، كالكلّيّة اللازمة لمفهوم الحيوان ، اللازم لزيدٍ مثلاً.
واعلم أنّ الظاهر من هذا الانقسام أنّ مقوليّة الطهارة على أنواعها الثلاثة بطريق الحقيقة لا بالمجاز ، ولا ريب في ذلك بالنسبة إلى المائيّة.
ويؤيّده بالنسبة إلى الترابيّة : قوله عليهالسلام : صلىاللهعليهوآله الصعيد طهور المسلم (١) وجُعلت لي الأرض
__________________
(١) سنن الترمذي ١ : ٢١٢ / ١٢٤.