(النظر الرابع : في أسباب التيمّم)
المسوّغة له (وكيفيّته) وهي بيان أفعاله على وجه التفصيل.
وقوله (يجب التيمّم لما تجب له الطهارتان) ليس من الأسباب ولا الكيفيّة ، وإنّما ذكره استطراداً ، وقد تقدّم الكلام عليه في أوّل الكتاب في بيان أقسام الطهارة.
وهذه العبارة أجود ممّا تقدّم هناك في قوله والتيمّم يجب للصلاة والطواف إلى آخره والمندوب ما عداه لاستلزام ما تقدّم كون التيمّم للّبث في المساجد مع الاحتياج إليه وللصوم مع تعذّر الغسل ولمسّ خطّ المصحف كذلك مندوباً ، بخلاف قوله هنا ، بل هو كالمنافي لما تقدّم ، لكن لا مشاحّة في اللفظ مع الاتّفاق على المعنى.
(وإنّما يجب) التيمّم (عند) العجز عن الماء ، فمسوّغه في الأصل شيء واحد ؛ للآية. (١)
لكن للعجز أسباب (فقد الماء) بأن لا يوجد مع طلبه على الوجه المعتبر ، وسيأتي بيانه ، أو الخوف على النفس أو المال من استعماله مع وجوده ، المعبّر عنه بقوله (أو تعذّر استعماله للمرض) أي لحصول مرضٍ مانع من استعمال الماء بأن يخاف زيادته أو بُطء بُرئه أو عسر علاجه ، أو لخوف حصول المرض بسبب الاستعمال وإن لم يكن موجوداً حالَ الاستعمال.
ولا فرق في ذلك بين المرض العامّ لجميع البدن والمختصّ بعضو.
ولو كان المرض يسيراً بحيث يتحمّل مثله عادةً ، كالصداع ووجع الضرس ، فظاهر العبارة عدم جواز التيمّم ؛ لعدم التعذّر عادةً ، وصرّح به في غير هذا الكتاب. (٢)
__________________
(١) النساء (٤) : ٤٣ ؛ المائدة (٥) : ٦.
(٢) تذكرة الفقهاء ٢ : ١٦٠ ، الفرع «ج».