الأشياء ، فيكون معنى «سواء عليّ قمت أم قعدت» سواء عليّ أيّهما فعلت ، أي الذي فعلت من الأمرين ، وهذا أيضاً ظاهر الفساد.
قال : وإنّما لزمه ذلك في «أو» و «أم» لأنّه جعل «سواء» خبراً مقدّماً وما بعده مبتدأ.
والوجه : أنّ «سواء» خبر مبتدأ محذوف ، أي الأمران سواء ، ثمّ بيّن الأمرين بقوله : قمت أو قعدت ، والجملة سادّة مسدّ جواب الشرط الذي لا شكّ في تضمّن الفعل بعد «سواء» و «ما أُبالي» معناه (١) ، ألا ترى إلى إفادة الماضي في مثله معنى المستقبل ، وما ذاك إلا لتضمّن معنى الشرط (٢). انتهى كلام الرضي.
وفرّق السيرافي في شرح (٣) كتاب سيبويه بين ما لو دخلت همزة التسوية بعد «سواء» أو لم تدخل ، فجوّز «أو» على الثاني دون الأوّل ، فقال : «سواء» إذا دخلت بعدها ألف الاستفهام لزمت «أم» بعدها ، كقولك : سواء عليّ أقمت أم قعدت ، وإن كان بعد «سواء» فعل بغير استفهام ، جاز عطف أحدهما على الآخر بـ «أو» كقولك : سواء عليّ قمت أو قعدت. انتهى.
وكلام المصنّف جارٍ على القسم الثاني ، والآيات الشريفة على الأوّل.
فقد تلخّص في المسألة ثلاثة أقوال : المنع مطلقاً ، والجواز مطلقاً ، والتفصيل. وإنّما أطنبنا القول في ذلك ؛ لكثرة جريانه وشدّة الحاجة إليه وعدم اشتهار ما حرّرناه من الخلاف. ثمّ عُد إلى عبارة الكتاب.
واعلم أنّ المستعمل في إزالة الخبث نجس (إلا ماء الاستنجاء) من الحدثين (فإنّه طاهر) إجماعاً ، كما نقله المصنّف في المنتهي (٤). وفي المعتبر : هو العفو (٥). وقرّبه في الذكرى (٦).
وتظهر الفائدة في استعماله ثانياً ، فيجوز على الأوّل دون الثاني.
__________________
(١) أي : معنى الشرط.
(٢) شرح الكافية ٢ : ٣٧٥ ـ ٣٧٧.
(٣) لا يوجد كتابه لدينا.
(٤) كما في جامع المقاصد ١ : ١٣٠ ؛ وفي منتهى المطلب ١ : ١٤٣ هكذا : عفي عن ماء الاستنجاء إذا سقط منه شيء على ثوبه أو بدنه. انتهى ، ولم يتعرّض لذكر الإجماع.
(٥) كما في الذكرى ١ : ٨٣ ؛ وجامع المقاصد ١ : ١٣٠ ؛ وقال المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٩١ : وأمّا طهارة ماء الاستنجاء فهو مذهب الشيخين ، وقال علم الهدى رحمهالله في المصباح : لا بأس بما ينضح من ماء الاستنجاء على الثوب والبدن. وكلامه صريح في العفو وليس بصريح في الطهارة. انتهى.
(٦) الذكرى ١ : ٨٣.