القسم (الرابع : ماء البئر) وهو نبع مخصوص له أحكام خاصّة ، فلذلك خصّه بالذكر.
وقد عرّف الشهيد رحمهالله البئر في الشرح : بأنّها مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعدّاها غالباً ولا يخرج عن مسمّاها عرفاً (١).
واحترز بالقيد الأخير عن كثير من الماء النابع الذي لا يتعدّى محلّه غالباً لكن لا يسمّى بئراً عرفاً ، فالحكم حينئذٍ تابع للاسم. ويمكن تغيّره بتغيّره (٢). ولا بُعد في ذلك بعد ورود الشرع.
والمراد بالعرف هنا العامّ ، لا الموجود في زمانه صلىاللهعليهوآله خاصّةً ؛ لأنّ الحكم معلّق على اسم ليس له حقيقة شرعيّة ، فيرجع فيه إلى العرف ؛ لتقدّمه على اللغة.
وربّما خصّه بعضهم بعرفه صلىاللهعليهوآله ، أو عرف أحد الأئمّة ، فما ثبت له الاسم في زمانهم كالموجود في العراق والحجاز لحقه الحكم ، وإلا فالأصل عدم تعلّق أحكام البئر به (٣).
وليس بجيّد لما بيّنّاه.
وحكم ماء البئر أنّه (إن تغيّر بالنجاسة ، نجس) إجماعاً.
وفيما يطهر به حينئذٍ أقوال :
أحدها : ما اختاره المصنّف (و) هو : أنّه (يطهر بالنزح حتى يزول التغيّر) وهو اختيار المفيد (٤) وجماعة (٥).
وبناؤه على ما اختاره المصنّف (٦) من عدم انفعال البئر بمجرّد الملاقاة كالجاري ظاهر لأنّ زوال التغيّر عن الجاري كافٍ في طهارته.
قال في المختلف : ولأنّ سبب التنجيس التغيّرُ ، فيزول الحكم بزواله (٧).
__________________
(١) غاية المراد ١ : ٦٥.
(٢) أي : تغيّر الحكم بتغيّر الاسم.
(٣) المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ١٢٠.
(٤) المقنعة : ٦٦.
(٥) منهم : القاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٢٢ ؛ وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٣٠ ؛ والشهيد في البيان : ٩٩ ؛ وابن أبي عقيل كما حكاه عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ٢٨ ، المسألة ٨.
(٦) مختلف الشيعة ١ : ٢٥ ، المسألة ٧.
(٧) مختلف الشيعة ١ : ٢٨ ، المسألة ٨.