وما يعذّبان بكبير ، أمّا أحدهما فكان لا يستنزه من البول ، وأمّا الآخر فكان يمشي بالنميمة وأخذ جريدةً رطبة فشقّها بنصفين وغرز في كلّ قبرٍ واحدة ، وقال لعلّه يخفّف عنهما ما لم تيبسا. (١)
وفي أخبارنا أنّه صلىاللهعليهوآله مرّ على قبر يعذّب صاحبه ، فشقّ جريدةً بنصفين ، فجعل واحدة عند رأسه والأُخرى عند رِجْليه وقال يخفّف عنه العذاب ما كانتا خضراوين. (٢)
وعن الباقر عليهالسلام إنّما الحساب والعذاب كلّه في يومٍ واحد في ساعة واحدة ، قدر ما يدخل القبر ويرجع القوم ، وإنّما جعلت السعفتان لذلك ، فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفافهما ، إن شاء الله تعالى. (٣)
قال المرتضى رضياللهعنه في الردّ على منكرهما من العامّة : التعجّب من ذلك كتعجّب الملاحدة من الطواف والرمي وتقبيل الحجر بل من غسل الميّت وتكفينه مع سقوط التكليف عنه ، وكثير من الشرائع مجهولة العلل. (٤)
إذا تقرّر ذلك ، فقد علم ممّا سلف من الأخبار كونهما من النخل (وإلا) أي : وإن لم يوجد النخل (فمن السدر ، وإلا فمن الخلاف) بكسر الخاء وتخفيف اللام ، وهذا الترتيب ورد في خبر سهل بن زياد عن عدّة ((٥) وإلا فمن شجر رطب) ذكره الأصحاب.
وروى عليّ بن إبراهيم أنّها إذا فُقدت من النخل تُبدّل بغيرها (٦) من غير ترتيب. وفي رواية أُخرى عنه : تُبدّل بالرمّان. (٧)
والجمع بينهما وبين خبر سهل بتأخير الرمّان عن الخلاف ، كما صنع الشهيد رحمهالله في الدروس. (٨)
فإن فُقد الرمّان ، فعود أخضر ، وعليه يحمل إطلاق البدل في الرواية السالفة ؛ لما روي
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٤٦٤ / ١٣١٢ ؛ صحيح مسلم ١ : ٢٤٠ ٢٤١ / ٢٩٢ ؛ سنن أبي داوُد ١ : ٦ / ٢٠ ؛ سنن النسائي ٤ : ١٠٦.
(٢) الفقيه ١ : ٨٨ / ٤٠٥.
(٣) الكافي ٣ : ١٥٢ / ٤ ؛ الفقيه ١ : ٨٩ / ٤١٠.
(٤) الانتصار : ١٣٢.
(٥) الكافي ٣ : ١٥٣ / ١٠ ؛ التهذيب ١ : ٢٩٤ / ٨٥٩.
(٦) الكافي ٣ : ١٥٤١٥٣ / ١١ ؛ التهذيب ١ : ٢٩٤ / ٨٦٠.
(٧) الكافي ٣ : ١٥٤ / ١٢ ؛ التهذيب ١ : ٢٩٤ / ٨٦١.
(٨) الدروس ١ : ١٠٩.